لم تقف مطامع اليابان في القارة الآسيوية عند حد الاستيلاء على كوريا وبعض الجزر فهي عدا شعورها الوطني المتين وعزتها القومية تشعر بحاجة إلى التوسع، وحالتها تشبه حالة إنكلترا وجميع الدول الصناعية الكبرى. فمساحة جزرها تبلغ تقريباً مساحة الجزر البريطانية، وعدد سكانها يزيد على عدد سكان بلاد الإنكليز، وما تنتجه اليابان من المواد الغذائية لا يكفيها، كما أنه ليس فيها من المواد الأولية ما يكفي حاجات صناعتها. فكوريا هي مركز تصدير الأرز إلى اليابان، ومنشوريا التي كانت من ملحقات الصين منذ ثلاث سنوات غنية بالمعادن، وهذه حوادث السنوات الأخيرة قد أرتنا كيف اهتمت حكومة الميكادو بمنشوريا، وأرسلت جيوشها إليها وتمكنت من فصلها تماماً عن الصين، وإقامة حكومة مستقلة فيها تحت نفوذها، وهكذا أتيح لها أن تسيطر على خمسين مليوناً من النفوس في منشوريا وكوريا، بينهم قسم من رعاياها اليابانيين، والمواصلات سريعة والعلاقات متينة بين هذه الملحقات البرية وجزر اليابان
واليوم هل وقفت مطامع اليابان عند هذا الحد؟ إن حوادث هذه الأيام تجيبنا بالنفي، وماذا يريد اليابانيون إذاً؟ أنهم يريدون انفصال المقاطعات الخمس في شمال الصين عن حكومة نانكين فتقيم حكومة مستقلة كما حصل في منشوريا وتقبل مراقبتهم ونفوذهم، وأخيراً قد تطلب هذه المقاطعات الحكومة الملكية فتقبل حكم إمبراطور منشوريا الحالي الذي كان إمبراطور الصين كلها في عام ١٩١١. عندئذ يتم تشكيل إمبراطورية كبرى من منشوريا والمقاطعات الخمس يبلغ عدد سكانها ١٢٠ مليوناً من النفوس، وتحميها الدولة اليابانية، وبعد مدة قد يذكر إمبراطور منشوريا حكومة نانكين الجمهورية بأن الصين كانت موحدة في العصور السابقة فيزحف بجيوش منظمة تعضدها حكومة اليابان على نانكين، فيتم وضع أيدي اليابان على بلاد الصين كلها، ولا يغربن عن الذهن أن الصين كانت قديماً تحكم تركستان الصينية والتيبت وتحمي عدا منشوريا وكوريا ومنغوليا الهند الصينية أيضاً، فهل تفكر اليابان في ضم هذه كلها إلى إمبراطوريتها الواسعة؟ إنها بدون أن تضم هذه المقاطعات تكون بعد أن يتم استيلاؤها على ما يعرف بالصين الأصلية قد حكمت إمبراطورية يزيد عدد سكانها عن ربع سكان العالم، وتكون إمبراطوريتها في قارة واحدة غير مجزأة منتشرة أقسامها في جميع القارات كالإمبراطورية البريطانية