إن سياسة اليابان سوف لا تتغير. فقد أرادت منذ ١٩١٥ أن تفرض حمايتها الاقتصادية والسياسية على الصين، ولكنها فشلت. إلا أنها واصلت جهودها فتوصلت في السنوات الثلاث الأخيرة إلى نتيجة باهرة، وقد تتوصل إلى أكثر من ذلك بعد بضعة شهور. إن ما طلبه زعماء المقاطعات الخمس في شمالي الصين هو تشكيل هيئة تسمى المجلس السياسي الشمالي للجمهورية الصينية له استقلاله الإداري ويشبه مجلس منغوليا المستقل، ويكاد يتم انفصال هذه المقاطعات عن الصين وعلى هذا المبدأ، ولكن تحت سيطرة حكومة طوكيو اليابانية. ومهما يكن فإن اليابان مستعدة أن تبذل جهوداً جبارة لتحقيق برنامجها في الصين. غير أن الولايات المتحدة ذات قوات كبرى في المحيط الهادي وجيوش روسيا السوفيتية بالمرصاد على نهر الآمور وأسطولها رابض شرقي فلاديفستك
هذا وقد لوحظ مؤخراً شيء من التطور في العلاقات بين بريطانيا العظمى وروسيا نظراً لمصالحهما المشتركة في الشرق الأقصى، وهذا التقارب بين الدولتين الكبيرتين يعد من أشد الحوادث بروزاً في السياسة الدولية. فاليوم قد تبدلت الحال بين الدولتين وزال ذلك التنافر في مصالحهما إن كان في جهات بحر البلطيق أو في جنوب شرقي أوربا، وفي الشرق الأدنى والهند والشرق الأقصى. فقد كادت مطامح روسيا القيصرية في الماضي تؤدي إلى الحرب مع إنكلترا نظراً لاحتكاك مصالحهما أكثر من مرة في تركيا وفارس وأفغانستان وعلى حدود الهند، ولكن الخطر الألماني الذي يهدد الدولتين هو الذي أجبرهما على تناسي العداوة وحملهما قبل الحرب الكبرى على الاتفاق سوياً ضد حكومة برلين. وعادت العلاقات بعد الحرب الكبرى فساءت بين الدولتين لأن خطر الشيوعية الآتي من موسكو هال بريطانيا العظمى، ولأنه كان من رأي روسيا إعادة النظر في معاهدات ١٩١٩، غير أن روسيا تحققت بأن قلب تلك المعاهدات لا يأتي إلا بعد حرب لا تعلم إذا كانت تسفر عن نتائج أحسن من نتائج الحرب الماضية. فهي اليوم تريد السلم وهذا ما تريده إنكلترا أيضا. وقد أصبحت مدفوعة بسياسة اليابان الهجومية إلى التفتيش عن صداقة دول ذات مصالح في الشرق الأقصى. والتعاون بين بريطانيا العظمى وروسيا يفي بمصالح الدولتين خصوصاً لأن تلك المصالح لا تصطدم اليوم على طول الخط الممتد من البلطيق إلى الشرق الأقصى. فقد انقضى عهد مطامح القياصرة في القسطنطينية وأجزاء الدولة