للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العثمانية وزال النزاع بين إنكلترا وروسيا في خليج فارس وأفغانستان. وليس لروسيا مطامح في الهند اليوم لأنه ليس لها أسواق تجارية فيها إن كان في الصادر أو في الوارد، وكذلك ليس لها رؤوس أموال تثمرها هناك. والروسيا تهتم بإنهاض قواها في الداخل قبل كل شيء ولذلك تحتاج إلى السلم. وأما في الشرق الأقصى فإنها تريد ضمان وحدة الصين، وسياستها هناك تشبه سياسة إنكلترا في الدولة العثمانية في القرن الماضي. فهي تنظر بعين الحسد - كما تنظر إنكلترا أيضاً - إلى توسع اليابان على حساب الصين

إن وزارة الخارجية الإنكليزية اليوم تريد أن تعوض عن خطيئتها قي سياستها نحو الروسيا منذ عشر سنوات. فالخطر الياباني الذي لم تشأ حكومات إنكلترا السابقة أن تراه والخوف الذي يهدد مستعمرات إنكلترا لم يعد مجرد خرافة. إن اليابان اليوم تتسلط على ثلث الإمبراطورية الصينية السابقة وعما قريب ستبدأ الحرب الحقيقية بين إنكلترا واليابان في آسيا الوسطى حيث تدافع اليابان عن استقلال الأمة الصينية وتطالب إنكلترا بإعطاء الصين ما أخذته منها. وسوف لا تقف عند هذا الحد، بل ربما وضعت أساساً لسياستها هذه العبارة التي بدأ رجال السياسة في اليابان يرددونها وهي (آسيا للأسيويين) كما وضع الرئيس منرو منذ أكثر من قرن خلا مبدأ لسياسة حكومة الولايات المتحدة (أمريكا للأمريكيين) واليابانيون ماضون في تنفيذ برنامجهم وعندما يصبحون على أبواب (كاشغار) في تركستان الصينية، لا يصعب عليهم الهجوم على الهند

ومن المحقق أن إنكلترا لا تقف مكتوفة اليدين أمام هذه الأخطار، فهي تقوم بتحصين سنغافورة، وستدفع ثمن ذلك باهظاً - نحو ٣٠ مليون جنيه. غير أن هذه القاعدة الحربية ليست كافية أمام أمة تستعد لفتح آسيا كلها. وإنكلترا وحدها لا يمكنها الوقوف في وجه هذا الخطر الأصفر، وهي لذلك تسعى للحصول على مساعدة الدول الأخرى، ويظهر أنه لابد للوقوف في وجه الخطر الياباني من اتفاق بين الدول الأربع: الروسيا وإنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة. ويقول أحد الصحفيين الروس بهذه المناسبة إن نظام الضمانات المشتركة لأجل السلام لا يجب أن يكون كمظلة يمكن وضعها في مخزن الحبوب لكي تأكلها الفيران ثم إخراجها لاستعمالها ضد حرارة الشمس، لأن هذه المظلة متى ما أكلت قماشها الفيران لا يمكن استعمالها للوقاية من حرارة الشمس. والصحفي يؤكد أن روسيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>