وعلى الرغم من أنه ابتكر شخصية ماثياس باسكال فقد طابق خياله منطق الحقيقة مطابقة تامة إلى حد أن حادث ماثياس باسكال وقع بالفعل في إيطاليا بعد تأليفه هذه الرواية بعشرين عاماً!
وهناك روايته الأخرى الموسومة بعنوان (ايف ولين) وخلاصتها أن شاباً من رجال الأعمال تزوج من فتاة اسمها ايفلين وعاشا عيشة اللهو والحب، ووقع الزوج في عجز وضيق مالي فلجأ إلى التزوير في حسابات عملائه، وقبل أن يفتضح أمره فر من وجه العدالة تاركا امرأته الشابة وطفلا له منها، وعطف عليهما محامي الزوج وآواهما في بيته وأصبحت المرأة في حكم زوجته وأنجبت منه طفلة وقد مر على حياتهما الهادئة المطمئنة أحد عشر عاماً، عاد بعدها الزوج الهارب كأشد ما يكون حباً وهياماً بامرأته. وهنا يظهر لنا ازدواج الشخصية كأوضح ما يكون جلاء، فقد حارت المرأة بين زوجها القديم وزوجها الجديد، وإنها لتذكر حياتها القديمة بما فيها من ألوان زاهية مرحة كلها الهوى والشباب وتقابل بينها وبين الحياة التي تحياها، فطابعها الوقار والرصانة والركود والانصراف إلى الواجبات. وأن لها من زوجها الأول طفلا هو اليوم شابة قوي جميل، ومن زوجها الثاني طفلة تحبها حباً يعادل حبها لولدها الشاب. وكلاهما يمثل ناحية خاصة من حياته بألوانها وصورها المتباينة. وإنها لتحن إلى حياتها الأولى المفعمة بالنشاط والهوى والشباب ولكنها تؤثر حياتها الراهنة بما يحوطها من وقار وإذعان وانصراف عن اللهو إلى الجد الصارم. وهي في حياتها الأولى يدعوها زوجها متحبباً إليها (ايف) وزوجها الثاني متحببا أيضاً (لين). وكل شطرة من هذا الاسم تثير في نفسها صورا ومعاني وألوانا مختلفة لا سبيل إلى التوفيق والملاءمة بينها وتنتهي الرواية بأن ترضى بحياتها الراهنة وأن يذهب ابنها الشاب ليعيش مع أبيه ولكنها مع ذلك لا تزال تحب زوجها الأول وتحن إلى حياتها القديمة وتشتهيها، وإنما هي قنعت بحياتها الراهنة لظروف لا تستطيع أن تتحداها
وقد ظن البعض أن هذه الرواية وليدة الخيال فمن المحال أن يقع في الحياة ما يشابهها، ولكن الحوادث أثبتت أن في الحياة مشكلات لا تقل في غرابتها عن فن بيراندللو، فقد وقعت في بودابست أخيراً حادثة تزوير، ارتكبها شاب يدعى فرادلبير، وفر إلى بلاد أخرى تاركا زوجه وطفلة، فاقترنت المرأة بعد أن يئست من عودة الزوج وأنجبت من زوجها