الحب تنمو في نفسك صداقة الزوج لما يغمرك به من فضل وإحسان إلى رقة طبع ودماثة خلق وليس ما تربي في نفسك من ولاء أخيك وحب فتاته بأقل مما يحمل الزوج لك من ولاء. وتشعر به الزوجة نحوك من غرام.
تبادلتما هذا الحب وبدا لك جليا واضحا هيامها بك وشوقها لك من عينيها الشاخصتين إليك ونظرها المسبغ عليك، ثم بدا لك أن تزور صديقك في وقت كنت مضطراً معه إلى أن تراه، وكان هو مضطراً فيه إلى ان يغادر مكانه، فكنت والزوجة خليين في منزل واحد وعلى مقعد واحد يناجي كل منكما الآخر بما يجول في نفسه، فيبدو جليا على عينه رقة وفي حديثه تقطعا وفي حركاته اضطرابا. ثم امتد الأمر بكا إلى أن هم كلاكما بصاحبه فكانت هي أشد ثورة منك، فأول ما تتحرك فيك الإرادة والرغبة؛ ولكنك قبل أن تنفذها أو تباشر بتنفيذها تلحظ ما يحف بهذا العمل الذي أقدمت عليه بدافع قوة الإرادة الحيوية، تلحظ ما يحف بهذا العمل (وهو إشباع نفسك من جمالها) من أمور خارجية منها ما يدفعك إليه ومنها ما يردعك عنه. فمن الاول التمتع بالجمال الماثل أمامك والذي هو في متناول يدك، ثم أمان العاقبة وشيوع الأمر المفضي بك إلى العار ثم إشباع نفسها من جمالك لتأمن مكرها فيما إذا هي أخفقت منك.
ومن الثاني خيانة صديقك البار بك والتعدي على جمال ليس لك فيه حق، وتشويه هذا الجمال بما تخفيه من دخيل داء.
لابد من ملاحظتك هذه الأمور واستعراضها جملة أو متفرقة في زمن واحد أو أزمنة مختلفة تتخللها فترات قصيرة. فأي العوامل كان أقوى أثرا في نفسك لقوته في الخارج كانت له السيطرة عليك داخليا فكان قائدا لك.
فأما أن يكون الاول فيجذبك إليها وتلبث زمنا ما تعبث بجمالها والشهوات تقيمك وتقعدك بين يديها. وأما أن يكون الثاني فيصدك عنها وتخرج ناصع الجبين مطمئنا إلى راحة الوجدان.
تجري هذه المحاكمة بناءاً على سلامته بذلك واستقامة نظام الحياة فيك وإلا فلضعف الأعصاب. وهي بعض مراكز هذه الخصائص تأثير قوي في صرف الإرادة وتعضيدها.