ورأى نفسه مرغماً على مغادرة رومه فغادرها إلى قسطنطينية يحدوه دائماً ظمأ المغامرة وتدفعه طلعة التجوال
ثم عاد إلى البندقية ولكن عاد إليها في ثياب ضابط. ذلك أنه مر في طريقه بالمعسكرات النمسوية والأسبانية، وحصل على ترخيص بالانتظام في سلك الجيش، وقدر أنه يستطيع أن يخلق له في ظل هذا الثوب حياة جديدة، ولكنه لم يحرز ترقية نظراً لسوء سلوكه، فخلع ثوبه العسكري واشتغل مدى حين كاتباً في مكتب محام، ولكنه لم يسكن طويلاً إلى هذا المنصب الوضيع؛ وأخيرا ذكر أنه يستطيع العزف على القيثارة مذ كان صبياً يدرس في بادوا، فانتظم عازفاً في إحدى الفرق المتواضعة؛ وفي ذات ليلة تعرف بسيد كبير وشيخ سابق يدعى براجادين في حفلة كان يعزف فيها، وقدر أن أصيب هذا الشيخ في نفس الليلة بنوبة صرع، وكان كازانوفا إلى جانبه في قاربه، فهرع إلى غوثه واستدعى له طبيباً، ولبث يعنى به حتى شفى، فعرف له براجادين هذه اليد، وقربه إليه وأنزله بقصره الفخم وأجرى عليه النفقة الواسعة، واستطاع كازانوفا في نفس الوقت أن يؤثر في مضيفه بمزاعمه في معرفة الغيب وضروب السحر، وأن يكسب ثقته، وأن يعود بفضل رعايته فيغزو ذلك المجتمع الرفيع الذي أقصي عنه مدى حين