للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العرب

وأما في الشعر فقد ساد أول الأمر محافظون ينظمون في الرثاء والمديح والغزل والفخر أيضاً لا يحيدون كثيراً عن أمراء الشعر في الأعصر الماضية، إنما كان يلمع في شعرهم وميض من التجدد وتسمع في أبياتهم رنة موسيقية عذبة. ومن أشهر الذين أجادوا أمين تقي الدين وبشاره الخوري. ثم جاء الشاعر الياس أبو شبكه فتطور معه الشعر بما حمله إليه من نفس صادق وبخروجه عن أدب المناسبات والمواضيع الجوفاء؛ وخطا يوسف غصوب بالشعر خطوة واسعة موفقة بديوانه (القفص المهجور). وكان المرحوم أديب مظهر أول من أدخل إلى الشعر العربي نظرية الشعر الرمزي التي يعتنقها اليوم شعراء مجيدون حقاً كصلاح لبكي وأمين نحله وسعيد عقل الذي نشر مسرحية شعرية موفقة جداً (بنت يفتاح). لن أسهب في الكلام عن الشعر الحديث في لبنان ولكن أكتفي بالقول أنه من أرقى ما عرفته الآداب العربية. وثمة شعر لبناني محض يمثل فرعاً لنفسه هو الشعر العامي، وقد ارتقى جداً وزعيمه الأول رشيد نخلة؛ ولقد تطور هذا النوع من الشعر على غرار الشعر الحديث؛ ومحدث هذا التطور ميشيل طراد فهو أيضاً ينهج نهج الشعراء (الرمزيين)، والشعر اللبناني هذا يمتاز بشدة تأثيره على النفس

وكان من إقبال اللبنانيين على الآداب الأجنبية أنهم أضحوا يؤلفون بهذه اللغات. وكُتُب الريحاني وجبران بالإنكليزية مثلاً مشهورة؛ وهنالك كتب في السياسة والحقوق باللغة الفرنسية. وآخر ما أنتجه اللبنانيون من دواوين شعر فرنسي كان له دوي بعيد في فرنسا ونال لأجله بعضهم الجوائز من محافل الأدب العالية كشارل قرم الذي نال جائزة ادجاربو في فرنسا لديوانه الجبل الملهم، وغيره أيضاَ

وينشط اللبنانيون جداً للتأليف باللغات الأجنبية، ولنقل أفضل مؤلفاتهم العربية إلى الفرنسية ليطلعوا الغرب على ثقافتهم (وهي مظهر رقيهم) ويأخذوا مكانهم في الأدب العالمي

والخلاصة أننا لسنا متشائمين من حال الأدب عندنا. بل ما نراه حولنا من مظاهر النشاط الكامن يبشرنا بمستقبل زاهر وبأن الحركة الأدبية في لبنان ستخطو خطوات بعيدة جداً

سامي الشقيفي

<<  <  ج:
ص:  >  >>