للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مات في سنة ثلاثمائة وعشر. وهذان النوعان من كتب الاختلاف ظلا قائمين إلى القرن الرابع، وإلى جانبهما قد نشأ نوع آخر، وهو نوع الكتب التي تُثبت الآراء المتنافسة لغرض علمي محض. وأحياناً نجد المؤلف الواحد قد ألف في الاختلاف أكثر من كتاب واحد. من ذلك أن الطحاوي الذي أسلفنا ذكره ألف كتاب شرح معاني الآثار، وغرضه الراجح هو المجادلة بحيث أنه لا يذكر حتى أسماء خصومه، ولكن له أيضاً كتاب اختلاف الفقهاء الذي يدلي فيه برأيه الشخصي على أثر عرض الآراء المختلفة والأدلة الدالة عليها. وقد ألف معاصره محمد بن إبراهيم بن منذر النيسابوري كتاب الاختلاف الذي يمثل هذا النوع الثاني، كما ألف أيضاً كتابين من النوع الثالث وهما كتاب الإشراف على مذهب أهل العلم، والكتاب الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف؛ وهذا الاهتمام العلمي المحض قد حمله أيضاً على أن يجمع في كتاب الإجماع المسائل التي لا اختلاف فيها. أما المسائل المختلف فيها ضمن المذهب الحنفي فلدينا الروايات الثلاث لكتاب مختلف الرواية لأبي الليث السمرقندي، وهو أيضاً من النوع الثالث العلمي المحض. وقد ذكرت كل تلك الكتب تفصيلا لأنها على العموم غير معروفة إلا للقلائل برغم أهميتها، ولأنها لم تطبع بعد إلا شرح معاني الآثار للطحاوي. وأما أكثر الكتب المؤلفة في هذا الموضوع في زمن متأخر في القرن الخامس وما بعده، فلا يمكننا أن نوازي بينها وبين تلك المصادر القديمة، ولا ينبغي أن نعتبرها وسيلة يعتمد عليها في الحصول على معلومات جلَّية، لأن تلك الكتب كثيراً ما تناقض نفسها وتناقض حقيقة الأمر، أي أقوال المذاهب المشهورة. وذلك لأنها ليست قائمة على معلومات مباشرة بل يتوقف بعضها على بعض. كذلك كتاب الميزان للشعراني ليس إلا تغييراً لكتاب (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة) للدمشقي، وهذا بدوره مختصر لكتاب الإشراف على مذاهب الأشراف لابن هبيرة إلى حدّ أن جميع الأغلاط الموجودة في ذلك الكتاب تتكرر في هذين. وينبغي ألا نؤاخذ ابن هبيرة بشدة بهذه الأغلاط لأن كتاب الإشراف ليس إلا رواية مستقلة لفصل من كتابه الكبير المسمى بالإفصاح عن معاني الصحاح، وهو شرح مفصل للأحاديث الصحيحة، ومضمون كتاب الإشراف كله وارد في كتاب الإفصاح شرحاً للحديث النبوي المشهور: اختلاف أمتي رحمة

إن أخبار المتأخرين من المؤلفين عن مبادئ مذاهبهم وأقوال الفقهاء الأقدمين يجب أن تقابَل

<<  <  ج:
ص:  >  >>