ونحن نعتمد في تلخيص الدرامة الأولى الباقية على ترجمة لويس كامبل (طبعة إكسفورد) الشعرية، أما الدرامتان الأخريان المفقودتان (مصلحات فراش النوم) و (دانايديز) كما ذكرهما الأستاذ جلبرت موري في تاريخه عن الأدب الإغريقي (طبعة أبلتون ص٢١٧) فسنخلصهما معاً معتمدين في ذلك على الأستاذ هـ. ا. جربر ص ١٤٢
- ١ -
يرجع بنا إسخيلوس إلى عصر موغل في القدم، حتى ليكاد أن يكون عصرا خرافياً
ذلك هو العصر الذي كان في إيجبتوس أميراً على مصر السفلى. . . إيجبتوس الذي لا يعرفه التاريخ. . .
وكان لهذا الأمير خمسون ابناً، وكان لأخيه دانوس خمسون ابنة، فأراد إيجبتوس أن يزوج أبناه الخمسين من بنات أخيه الخمسين، برغم ما في هذا الزواج من مخالفة لشرائع الدين في مصر في هذا الزمان، ذلك أن هذا الدين الذي كان يبيح زواج الأخ من أخته، كان مع ذاك يحرم زواج ابن العم من بنت العم، ويعتبره - لو تم - نوعاً من الزنى
- ٢ -
لذلك صمم دانوس، التقي الورع المتعبد، المتفاني في طاعة الآلهة، ألا يتم هذا الزواج
وسبب آخر جعل دانوس يغلو في تصميمه، ويتشبث به، برغم ما تجره عليه عداوة أخيه، أمير مصر العظيم، من بلاء وأرزاء
ذلك أنه كان لا ينوي تزويج واحدة من بناته الخمسين قبل أن يودع الحياة، وقبل أن يجيئه الموت، وقبل أن يجرع كأس المنون حتف أنفه! وكيف؟
لقد ذكر دانوس، حين كلمه أخوه الأمير في بناته الخمسين، تلك الرؤيا المفزعة التي أريها إذ هو شاب في غضارة الشباب، فأقضت مضجعه، وطمست مباهج الحياة في قلبه، وتركته لا يفكر إلا في هذه النهاية المريرة التي تدحرجه إلى شفاها الأيام؛ ويقذف به في هاويتها الزمان الغدار!!
رأى دانوس، إذ هو نائم فوق ضفاف النيل السندسية المعشوشبة، في ليلة مقمرة من ليالي الصيف الجميل الفضي، أن زوجاً من أزواج بناته يقتله، ويغمد خنجره ذا القبضة الذهبية