للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أحشائه، ثم يقذف بجثته الممزقة بعد ذلك في النيل، فتحملها أواذيه إلى اليم المصطخب، إلى حيث لا يدرك لها قرار!!

(إذن لن أزوج واحدة من بناتي!!)

وذهب في الأرض على وجهه يلقي الكهان وسدنة الآلهة ليفسروا له الرؤيا، فما زاده لقاؤهم إلا ترويعاً، لأنهم جميعاً أكدوها له. . . وإذن. . . (فلن أزوج واحدة من بناتي!!)

- ٣ -

وألح إيجبتوس على أخيه، ولكن دانوس ظل يمطله. . ويمطله

وأعد دانوس مركباً كبيراً حمل فيه بناته. . . وأبحر في ظلام الليل. . . إلى مملكة جدته. . . جدته يو. . . حبيبة زيوس سيد الأولمب وكبير الإلهة. . . . ليبارك ذراريها، ويسهر على أحفادها!

وقد ضرب في البحر، ولعبت بمركبه الأنواء، وطفق يلقي مور اليم وتناحر الموج ما أرخص له الموت. . . لولا أن استوى على شاطئ آرجوس، فنزل وقد بلغ منه الأين، وحطمه النصب

- ٤ -

وسار ببناته حتى بعد قليلا عن الشاطئ، وحتى كان في البقعة المباركة المطهرة، التي جعلتها آرجوس حرماً للآلهة، وأقامت فيها التماثيل لأربابها. فوقف دانوس يعرّف بناته بسادة الأولمب، وانطلق البنات يغنين لآلهة هيلاس، ويقرئنهن السلام من آلهة النيل، وطفقن يهزجن بنشيد طويل حلو، تنضحه الدموع وتصهره حرق في الضلوع، ويفيض منه الموجعان الشجو والشكو!!

وإنهن لفي صلاتهن وتغنيهن، وإذا رجل طوال سامق، بادي الهيبة موفور الوقار يخرج إليهن فجأة من الأدغال القريبة، فيقف لحظة يرنو إليهن، ثم يتقدم فيسألهن:

- (مَن النَّسوةُ المهاجرات في هذا الزي الغريب! منظر عجب وآلهة الأولمب! الشاكيات الباكيات في ثياب بربرية، لا أرجفية ولا إغريقية؟! منْ؟ ما هذه الأفنان الناضرة؟ أمن الزيتون هي! وفيم وضعتُنها عند أقدام التماثيل يا مهجرات؟ تماثل آلهتنا، وأوثان أربابنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>