السلطات يدها مغلولة بنصوص الانتداب، واستمر الاحتكاك بين العرب واليهود؛ وزادت المنازعات الدينية الأمور تعقيداً، وكانت تنتهي أحياناً بسفك الدماء. بيد أن اليهود لم يكتفوا بما بلغه الوطن القومي من التوطد والتقدم، فهنالك (حزب الإعادة) الذي يتزعمه فلادمير جابوتنسكي، وهو يطالب بإطلاق الهجرة اليهودية من كل قيد، وحماية المستعمرين بمنحهم حقوقاً ومزايا خاصة، وغير ذلك من المطالب المتطرفة
ولا ريب أن العرب يقابلون كل هذه المطالب والدعاوى بالإنكار والمقاومة؛ ومن المستحيل أن تعاون الأحوال القائمة على وضع أي حل مرض للمسألة الفلسطينية
وتقترح المؤلفة من عندها حلا يقوم على التوزيع الجفرافي، وترى تقسيم فلسطين إلى قسمين يكون كل منهما دولة خاصة، فتكون إحدى الدولتين عربية وعاصمتها بيت المقدس وثغرها يافا؛ وتكون الأخرى يهودية وعاصمتها وثغرها تل أبيب، وتنضم الدولتان إلى عصبة الأمم؛ وتعتبر بيت المقدس وحيرون وطبرية وصفد وبيت لحم مدناً دينية تخضع للنظم والقوانين التي تضعها عصبة الأمم، وتبقي حيفا ثغراً حراً، وتضم شرق الأردن إلى فلسطين العربية
والخلاصة أن المؤلفة تبدي كثيرا من الاعتدال في عرض المسألة الفلسطينية وتخص الناحية العربية بكثير من الإنصاف والعطف، وتبدي شجاعة في عرض القضية العربية يندر أن يبديها قلم أجنبي. ومن ثم فان كتابها خليق باهتمام العرب، وهو بلا ريب وثيقة مفيدة في عرض القضية العربية في إنكلترا وفي أوربا
قصص فلسطينية
صدرت أخيرا ترجمة إنكليزية عبرية من القصص الفلسطينية عنوانها أعني (قافلة فلسطين) بقلم الكاتب اليهودي موشي سميلانسكي وهذا الكاتب القاص معروف بين مواطنيه بقوة تصويره وطرافة خياله. ويحتوي كتابه المذكور على إحدى عشرة قصص فلسطينية، عن اليهود والفلاحين والبدو، ويميل سميلانسكي بنوع خاص إلى تصوير الحياة الريفية، ويجد هذا النوع من الصور. وبين القصص المذكورة عدة تمتاز بحسن السبك والمفاجآت المدهشة، وبينها عدد يمتاز بحسن التصوير والدراسة الطبيعية والنفسية العميقة ولاسيما فيما يتعلق بدسائس القرية، ووصف الحياة الريفية ذاتها وحياة الفلاحين وأعمالهم