أثارت المسألة الفلسطينية في العهد الأخير كثيراً من الاهتمام وصدرت عنها وعن تطوراتها كتب كثيرة، ولكن معظم هذه الكتب تميل إلى الناحية اليهودية وإلى تأييد السياسة البريطانية وإنشاء الوطن القومي اليهودي، وقلما ينصف العرب أو يقدر مطالبهم وحقوقهم قدرها؛ بيد أنه ظهر أخيرا كتاب بالإنكليزية عن المسألة الفلسطينية عنوانه (فلسطين العربية) بقلم السيدة بياتريس ستيوارث إركسن يؤثر الناحية العربية بكثير من الشرح والتفصيل، ويميل إلى إنصاف العرب وتصوير وجهة النظر العربية تصويراً عادلاً. وتمهد المؤلفة لبحثها باستعراض تاريخ فلسطين منذ أقدم العصور حتى الحرب الكبرى، ثم تاريخ المسألة الصهيونية منذ فاتحة القرن الماضي حتى سعي اليهودية إلى عرض تأييدها ونفوذها على الحكومة الإنكليزية مقابل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وصدور عهد بلفور الشهير بإنشاء الوطن القومي، ثم قيام الانتداب البريطاني على فلسطين
وتشير المؤلفة إلى إغفال رأي العرب فتقول إن منح فلسطين لتكون وطناً قومياً لم يرجع فيه إلى رأي السكان (الفقراء) الذين كانوا حلفاءنا. كذلك لم تقدر فيه عواقب تدفق الهجرة إلى بلد صغير محدود الموارد، ولم تكن هناك سياسة ثابتة لمعالجة الموقف الذي ينشأ عن ذلك، وهي سياسة كان يجب أن تقوم على استشارة ذوي الشأن جميعاً، وأن يراعي فيها تنفيذ الشطر الثاني من تصريح بلفور الخاص بأنه (لن يعمل شيء يمكن أن يضر بالحقوق المدنية أو الدينية للطوائف غير اليهودية من سكان فلسطين)، ولا ريب أن تعيين هذه الحقوق الدينية والمدنية كان من شأنه أن يفر كثيراً من سوء التفاهم، وأن يحمل العرب على الثقة بالدولة المنتدبة، وأن يزيد في احتمال التعاون بين مختلف العناصر
وقد هرع اليهود إلى البلاد لا كمهاجرين بل كفاتحين، وشعر العرب بأنهم حرموا كل نصيب في النفوذ والحكم؛ وكان المندوب السامي الأول يهودياً، فكان تعيينه ضربة للعرب. وتعاقب المندوبون السامون وتعاقبت الوزارات البريطانية ولم يجد العرب إنصافاً، وألفت