أرى في المنام أنك كنت مضطجعة نائمة، فجاءت امرأة أخرى فاختطفت منك غطاءك الذي يغطيك وكان من الحرير الأبيض بياض الثلج، فوثبت أنت من سريرك فزعة مذعورة تستغيثين وتملئين الدنيا ولولة وصياحاً:) غطائي! ستري! غطائي! ستري!) فاجتمع عليك خلق كثير، فكان اجتماعهم هذا ضغثاً على إبالة، وزاد في مصابك ولوعتك أن أحداً منهم لم يتقدم لإغاثتك، حتى جئت أنا وانتزعت من الغاصبة غطاءك ورددته عليك. ثم قلن لها إن تعبير هذه الرؤيا هو أن امرأة أخرى ستأخذ منك زوجك ولا يرده عليك سوى سيدنا، وهو يستطيع أن يدفع عنك هذا البلاء سلفاً من الآن، بشرط أن تدفعي إليه ثلاثة آلاف فرنك مقدماً. فرجعت السيدة إلى نفسها تبحث حياتها الزوجية فلم تعثر على أدنى شيء ينبئ بصدق هذه الرؤيا فلم تطاوعها نفسها أن تتهم زوجها ظلماً بغير حق أو أن تظن به الظنون، وهي ما علمت عليه من سوء. فلم تكترث لهذه الرؤيا، وقالت إنها أضغاث أحلام. ولكن الشيخ كان جاداً غير هازل، فدس إلى فتاة من الفتيات اللائى ينتمين إليه من أوهمتها أن الشيخ قد دعا الله لها أن يرزقها زوجاً كريماً، وأن الله قد استجاب له فيها، وقال: (إني أرى في المنام أن فلانة قد زُفت إلى علال في احتفال رائع مهيب. وكانت هذه من الآنسات العانسات، ففرحت وأعطت الشيخ من العطاء الجزيل ما أرضاه، وجعلت منذ ذلك اليوم تعرض لعلال، وتبدي له من زينتها تفتنه وتغريه حتى وقعت من نفسه، ومال إليها، وشرع الشيخ يمهد لها الطريق، فدس إلى علال من يهدمون عليه أسرته الهانئة السعيدة، ويملؤون سمعه بما يفرقون به بين المرء وزوجه. وما هي إلا أن وقع بين الزوجين خلاف بسيط حتى أخرج علال أم ولده من دارها وأطلق سراحها. وسرعان ما التف به أعوان الشيخ وأحكموا الصلة بينه وبين الفتاة العانسة، وعقدوا له عليها من ليلته عقدة النكاح
وأتى على المطلقة حين من الدهر تجرعت فيه طعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً، وذاقت من مصائب الدهر وأرزائه ما لا يعلمه إلا الله، فلقد خسرت زوجها على حين غفلة، وهي أشدّ ما تكون حباً له واطمئنانا إليه، وإخلاصاً له وحدبا عليه. وهي تخشى أن ينتزع وحيدها من بين أحضانها، وهي لا تُطيق أن تتحطم سعادتها وهناءتها ليتم هناء عدوتها؛ ولقد فكرت في الانتحار، وهمت به مراراً لولا إبقاؤها على وحيدها، ولكنها التجأت أخيراً إلى الشيخ مذعنة طائعة، قد أسلمت له وجهها، وفوضت إليه أمرها، ترجوه أن يعيد إليها زوجها، وله