النازحة؟ لطالما انتعلنا الدماء، وضربنا غوارب الماء لنكون بنجوة، فأين النجاء! أبتاه! إنا نذوب من فرق. . .)
- (لتطمئن قلوبكن يا بناتي، فلقد صمم الأرجيف البواسل أن يحاربوا إلى آخر قطرة من دمائهم من أجل قضيتكن. . .) اهدأن! اهدأن فهذه الإلهة تحميكن!)
- (وهل يصبر الأرجيف المترفون على شياطين إيجبتوس يا أبتاه؟ انظر! لقد جمعوا اللهاذم من محاربي مصر. . . . فمن لنا! من لنا!؟)
- (إنكن لن تلبثن أن ترين الأبطال المقرنين في الحديد، المقنعين في الزرد، فلا تهلعن!)
- (ولكن. . . لتقف معنا يا أبتاه! لا تتركنا! فنحن أضعف من أن نشهد المعركة! إن هؤلاء القادمين في السفينة الغبراء وحوش يحملون قلوباً خرساء. . . ولن يثنيهم أن يشهدوا هذه الآلهة، إذ هم ضواري ليبيا، لا يعرفون قرباناً ولا مذبحاً ولا شريعة، ولا يرهبون آلهة ولا يوقرون أوثاناً!)
(يهم دانوس أن يغادر بناته، فتقول كبراهن:)
- (أبتاه! إلى أين؟ لن تغادرنا. . . لن تغادرنا يا أبتاه)
- (تلبثن يا فتيات ولا ترهبن شيئاً! إنهم لابد لهم من وقت طويل حتى ترسو سفينتهم، وينزلوا إلى البر ويربطوا أمراسها في صخرة أو جذع. . . وقد لا يجدون مرفأ هنا فيقلعون إلى مكان بعيد. . . اهدأن. . . لا تفزعن هكذا! ما هذا الفرق! تلبثن هنا حتى أعود بجيش الأرجيف أو بمدد من ببلاسجوس! لقد وعد! لقد وعد أن يحمينا، وأيده الشعب كله في ذلك. . . . . تلبثن. . . . . لا تفزعن. . . . . ولا تذهب قلوبكن شعاعا!)
(يخرج دانوس)
- ٨ -
وتهلع الفتيات ويتفزعن، ويتضرعن إلى الآلهة أن تنقذهن من ذلك البلاء المنتظر، ويرسلن أنشودة طويلة حزينة. . .
والسفينة تقترب!
وهي كلما اقتربت وجفت نفوسهن، وخفقت قلوبهن، وتبلبلت أفكارهن، وتعلقن بالدمى المرمرية التي. . . تثلجت حتى ما تحس. . . وتحجرت حتى ما تعي. . .