(استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين - إلى أن بدا لهم من بعدما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين)، وفي السجن ظهرت آيات فضله، وفسر لساقي الملك وخبازه مناميهما، وأوصى الذي ظن أنه ناج منهما أن يذكره عند ربه الملك فأنساه الشيطان ذكر ربه، فلبث في السجن بضع سنين إلى أن رأى الملك سبع بقرات سمان حسان يأكلهن سبع بقرات عجاف مهزولة، وسبع سنبلات خضر غلبتهن سبع سنابل يابسات، وحار العلماء والسحرة والعرافون في تفسير ذلك المنام فذكر الذي نجا من الفتيين شأن يوسف وتفسيره للمنام؛ فاستأذن الملك وأتى إلى يوسف واستفتاه فيما رآه الملك. ففسر له الرؤيا على وجهها، وجاء الساقي وقص القصص على الملك، وكان ما كان، إلى أن اصطفاه الملك لنفسه، وجعله على خزائن الأرض، ودبر أمر مصر إلى أن جاء سبع سنوات مخصبة خزن فيها ما زاد على الحاجة؛ ثم جاء السنين المجدبة ففتح مخازن الادخار، وأطعم الناس، وجاء أخوته فداعبهم ودبر عليهم تدبيراً حتى جاءوه بأخيه بنيامين، ثم عرفهم بنفسه وقال:(ائتوني بأهلكم أجمعين) فكانت هجرته القسرية وتغربه خيراً عليه وعلى أهله وعلى الناس أجمعين؛ ولولا تدبير الله وتدبيره لأمر الأغذية لهلك الناس
موسى عليه السلام - وهجرته
لا نريد أن نتكلم عن أولية موسى عليه السلام. وإنما نقول إنه نشأ في بيت فرعون عزيز الجانب؛ ولما بلغ مبلغ الرجال لم يخف عليه أنه دخيل في ذلك البيت وأنه من العنصر العبراني؛ وعرف العبرانيون ذلك فاستعزوا به وانتفعوا بجاهه
وسار في المدينة يوماً على حين غفلة من أهلها فوجد رجلين يقتتلان أحدهما عبراني من شيعة موسى والثاني قبطي من عدوه، فاستغاثة العبراني على القبطي، فأغاثه موسى وعمد إلى القبطي فوكزه فقضى عليه، وهو لم يرد قتله، وإنما أراد كف عاديته عن العبراني، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها
لم يشاهد أحد هذه الحادثة سوى العبراني. وعاد موسى بالأئمة على نفسه وقطع على نفسه عهداً ألا يكون ظهيراً للمجرمين
ظهر أمر القبطي ولم يعلم قاتله. فلما كان اليوم الثاني خرج موسى في مثل ذلك الوقت فوجد ذلك العبراني بنفسه في معركة مع قبطي آخر يريد أن يسخره وهو يأبى، فاستغاثه