للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. أن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (ليس للعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى)

ولقد وضع الإسلام من الأصول والنواميس ما هو كفيل بالقضاء على الاسترقاق، لولا أن الأمم العربية وغيرها كانت إذ ذاك - على ما نعلم - من شدة التمسك بهذا النظام. وبدهي أنه لا يستطيع الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزيل أمرا ألفته النفوس واستولى عليها ذلك الاستيلاء، على أن هذا الاستيلاء لم يغفل تعبيد الطريق لإلغاء الاسترقاق، فما فتئ الرسول يرغب الناس في العتق. وقد أبقى عليه الصلاة والسلام الرق لسببين:

أولهما: حفظ التوازن بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول كالفرس والروم، حتى يستفيد العرب من أسرى الأمم، كما استفادت هذه الأمم من أسرى العرب

وثانيهما: لحماية الضعفاء من نساء أكلت الحرب رجالهم، ولو تركن وشأنهن لكن عالة على المجتمع ومصدرا للشرور

على أن الإسلام، وإن لم يجد بداً من إباحة الرق، فأنه لم يترك الأرقاء هملا، فقد نظم شؤونهم، وأخذ بأيديهم في طريق الحرية. وقد وصف أحد الفرنجة معاملة الإسلام للرقيق بقوله: (لقد وضع للرقيق في الإسلام قواعد كثيرة تدل على ما كان ينطوي عليه محمد وأتباعه نحوهم من الشعور الإنساني النبيل، ففيها تجد من محامد الإسلام ما يناقض كل المناقضة الأساليب التي كانت تتخذها إلى عهد قريب شعوب تدعي أنها تمشي في طليعة الحضارة. نعم! أن الإسلام لم يلغ الرق الذي كان شائعاً في العالم، ولكنه عمل كثيرا على تحسين حال الرقيق، وأبقى الأسر، ولكنه أمر بالرفق بالأسير. ومما يدل على صحة هذا القول أنه لما جيء بالأسرى بعد غزوة بدر الكبرى فرقهم الرسول على أصحابه وقال لهم استوصوا بهم خيرا)

وعندما بسط الإسلام ظلاله خارج الجزيرة وجدنا أهل هذه البلاد المفتوحة يرحبون به بل ويحثون على اعتناقه لما فيه من الحرية والمساواة؛ فكان العرب أثناء حكمهم بلاد فارس والشام ومصر وغيرها من البلاد يقومون بحماية أهلها مقابل مبلغ معين، يدفع عن كل فرد قادر على القتال يسمى الجزية، وهي ضريبة شخصية يدفعها أهل الذمة مقابل إعفائهم من خدمة الجيش؛ وكانوا يعفون من تلك الجزية إذا اعتنقوا الإسلام؛ وكانت الأرض ملكا

<<  <  ج:
ص:  >  >>