- ٢ -
(بعد عام كامل، أم سلمة جالسة وحدها بالأبطح في حي بني المغيرة تبكي وتقول)
أم سلمة -
- سقى الله عهداً غاله الدهر لم يكن ... سوى حلم عذب شهي بنا مرا
شربنا به كاس المسرة والصفا ... ورفرف طير الحب من فوقنا دهرا
ولم نك ندري فيه ما لوعة النوى ... وما حرقة الحزن التي تقصم الظهرا
أحن إلى أهلي حنين موله ... وقد ينقضي يوم فأحسبه عشرا
ألا هل أرى زوجي وطفلي قبلما ... أموت وألقى في الثرى جسداً قرا
لقد نفد الدمع الذي كان سلوتي ... فمن لي بدمع يذهب الشجن المرا
أقول لقلبي والأسى يتبع الأسى ... هداديك قد أفنيت شطراً فدع شطرا
(أبا سلم) اذكرني فإني مقيمة ... على العهد لا أنساك صبحا ولا عصرا
أعندك أني منذ عام سجينة ... أقاسي من الآلام ما يصدع الصخرا
وأني لا أدري إلام يطول بي ... عذابي، أيوما بعد عامي أم شهرا
إلى الله أشكو ما ألاقي من الأسى ... ومنه أرجى العون والغوث والنصرا
(يدخل عليها رجل من بني عمها، وهو أحد بني المغيرة، كان قد عرف حالها، وكلم قومه في أمرها، فرضوا بإطلاق سراحها، ويكون قد سمع شكواها)
- أقلي من الشكوى، ولا تكثري البكا
- ومن أنت؟
- واستبقي الجلادة والأزرا
- ومن أنت؟
- لا تخشي فديتك زائرا ... أتاك على وهن به يحمل البشرى
- وأية بشرى؟
- أبشرى بالخلاص من إسارك
- دع عنك الته التهزؤ والسخرا
- لقد قلت حقاً، ما التهزؤ شيمتي ... ولا أعرف المين المعيب ولا الهذرا