البصر خاسئاً وهو حسير). وارتفاع التفاوت يستلزم حتما ارتفاع التناقض الذي هو أكبر التفاوت؛ وقد تقرر نفس الأصل في صورته الأخرى: صورة انتفاء الباطل بالحق في قوله تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون). فالإسلام يؤيد العلم تأييداً تاماً حين تخون العلم قدرته، وتضعف حجته. ويستطيع العلم في يقين المسلم أن يمضي في سبيله مطمئناً على وجوده، غير مبال باعتراض الفلسفة، اعتمادا على ما أعلنه رب الفطرة للناس في القرآن
أما أصل استقلال الفطرة عن الإنسان فقد أعلنه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس يوم مات ابنه إبراهيم وكسفت الشمس فتحدث الناس أنها كسفت لموت إبراهيم، فخطبهم صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري خطبة قال فيها:(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا)؛ ثم زاد القرآن الكريم ذلك الأصل تقريرا وتوضيحاً في قوله تعالى:(أم يقولون به جِنة، بل جاءهم بالحق، وأكثرهم للحق كارهون، ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن، بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون). فأنت فيما يتعلق بأصول الفطرة ترى تمام الاتحاد بين ما قام عليه العلم وما قرره الإسلام