وعولج اثنا عشر مريضاً ممن شل الزهري أجسامهم وذهب بعقولهم فعاد إليهم جميعا صوابهم إلا واحداً. وعولج آخرون ظاهرهم الصحة وفي دمائهم خبث المرض فتطهروا بعد الحمى من الداء الدفين النائم الذي قد يستيقظ يوماً من أيام العمر فيودي بصاحبه بعد أن يذيقه ألوان الشقاء.
وتتجه الأبحاث في الوقت الحاضر الى محو مرض الزهري وهو في أدواره الأولى قبل أن يستقر الميكروب في جثمان المريض ويتغلغل فيه الى حيث أصول الحياة ومنابتها، وقد لا يمضي عقد من الزمان حتى يمكن تأمين ملايين البشر من هذا البلاء الذي لا تزيده الأيام إلا انتشاراً، ففي أمريكا وحدها نحو من عشرة ملايين مسهم هذا الوباء، أما بالعدوى وأما بالوراثة. وفي مصر يفتك الداء في ذوي الخطايا والأبرياء على السواء، وهو في مأمن من الإحصاء.
وسوف تقوم دون انتشار هذا الجهاز الجديد عقبات، منها انه غالي الثمن فليس في استطاعة كل مطبب حيازته، ومنها انه معقد ككل جهاز في أول نشأته، ومنها أن التطبيب به ليس من الأمور اليسيرة إلا في أيد خبيرة قديرة، وبقوامة ممرضات لبقات صبورات تدربن خصيصاً لهذا العلاج الجديد. وهي كلها عقبات هينات عرفت حيلة الإنسان كيف تتخطى الألوف من أمثالها، وإنا لما تأتي به السنون لمرتقبون.