من المنافع. من ذلك ما يظهر في القرسطون أعني القبان، وذلك أن أحد رأسي عمود القرسطون طويل بعيد من المعلاق والآخر قصير قريب منه، فإذا علق على رأسه الطويل ثقل قليل، وعلى رأسه القصير ثقل كثير، تساويا وتوازنا متى كانت نسبة الثقل القليل إلى الكثير كنسبة بعد رأس القصير إلى بعد راس الطويل من المعلاق. . .) والمقصود من المعلاق هنا نقطة الارتكاز
واستعمل العرب موازين دقيقة للغاية وثبت أن فرق الخطأ في الوزن كان أقل من أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرم. وكان لديهم موازين أدق من ذلك، فقد وزن الأستاذ فلندرس بتري ثلاثة نقود عربية قديمة، فوجد أن الفرق بين أوزانها جزء من ثلاثة آلاف جزء من الجرام، ويقول الأستاذ المذكور تعليقا على هذه الدقة:(إنه لا يمكن الوصول إلى هذه الدقة في الوزن إلا باستعمال أدق الموازين الكيميائية الموضوعة في صناديق من الزجاج (حتى لا تؤثر فيها تموجات الهواء) وبتكرار الوزن مراراً حتى لا يبقى فرق ظاهر في رجحان أحد الموازين على الآخر، ولذلك فالوصول إلى هذه الدقة لمما يفوق التصور، ولا يعلم أن أحداً وصل إلى دقة في الوزن مثل هذه الدقة. . .) ومن هنا يظهر أن العرب درسوا مسألة الميزان دراسة دقيقة؛ وقد ألفوا في ذلك مؤلفات قيمة جداً، فثابت بن قرة ألف كتابين في ذلك: أحدهما في صفة استواء الوزن واختلافه وشرائط ذلك؛ والثاني في القرسطون، ولا تزال في هذا الكتاب الأخير نسخة في برلين وأخرى في وكالة الهند بلندن. ومن الذين كتبوا في الموازين والأوزان نظرياً وعملياً الكوهي والفارابي وابن سينا وقسطا بن لوقا البعلبكي وابن الهيثم والخازن والجلدكي وغيرهم. . . وعلى ذكر الجلدكي نقول إن هذا النابغ حلق في الكيمياء ووصل فيها درجة لم يصلها أحد من معاصريه، وهو الذي يقول إن العناصر يفعل بعضها ببعض على نسب محدودة؛ فكأنه اتصل إلى المبدأ الجوهري قبل دلتون. واستعمل العرب لموازينهم أوزاناً متنوعة، وأحسن كتاب في هذا البحث الكتاب الذي وضعه عبد الرحمن بن نصر المصري للمراقب (المحتسب) العام لأحوال الأسواق التجارية في أيام صلاح الدين الأيوبي. وتوجد كتب أخرى تبحث في هذا الموضوع ككتاب ابن جامع وغيره
وفوق ذلك فقد كتب العرب في الأنابيب الشعرية ومبادئها وتعليل ارتفاع الموائع وانخفاضها