الحضور، كانت بلوتا تذهب بنفسها الى حجرة نومها ثم تعود الى الصالون وفى فمها غطاؤها، وتظل منتظرة على هذه الحال حتى تحضر الخادمة فترافقها الى مضجعها!.
وكانت بلوتا تعبد الشكولاته! واليك ما صنعته بي ذات مرة: كنتأنا أيضا أحب الشكولاته. . فكنت اشتري منها كل يوم (لدى عودتي من المدرسة) بما قيمته عشرة قروش، لأن مرتبي لم يكن يسمح لي وقتئذ وا أسفاه أن أشتري بأكثر من هذه القيمة. . وكنت آكلها سراً حتى لا يشاركني فيها أحد. . ولكن بلوتا بذكائها الفطري العجيب كانت تدرك الأمر فتقف أمامي حينما تعرف إن القرطاس بجيبي، ولا تبرح مكانها حتى أناولها قطعة منه. . ففي ذات يوم كنت جالسا الى مكتبي، عاكفا على دراستي ولم أعطها في تلك المرة حصتها من الشكولاته، فلم يكن منها إلا أن دست يدها خلسة في جيبي فسرقت القرطاس وذهبت دون أن اشعر، فلما وضعت يدي في جيبي لأخرج قطعة من القرطاس لم أجده، ولكنني عرفت في الحال من هو السارق، فأسرعت الى السرير حيث اعتادت بلوتا أن تختبئ لأنقذ ما يمكن إنقاذه، فوجدتها ويا للأسف قد التهمته كله!. . وكانتالشكولاته قد لوثت ذقنها. . لقد غاظتني في ذلك اليوم لأنه كان يوم عطلة ولم يكن في استطاعتي أن اشتري قرطاسا آخر. . فلما انتهت الحرب الكبرى، وسمح لنا بالعودة الى مصر، أردنا أن نتعجل الرجوع الى الوطن المحبوب فاجمعنا الرأي على أن نركب أول باخرة تغادر أوربا، لذلك قصدنا البندقية لنلحق بباخرة إيطالية كانت تتأهب للسفر بعد أيام قلائل، ولما كان السفر طويلا شاقا على السكة الحديدية من برشلونة الى البندقية، فقد تركنا بلوتو عند بعض الأصدقاء في برشلونة ليرسلها إلينا في مصر على الباخرة التي تسافر من برشلونة مباشرة الى بور سعيد بعد شهر من ذلك التاريخ، وما كان أسعدنا وأسرنا حين جاءتنابرقية تنبئنا بوصول بلوتا الى بور سعيد!. هرع في مساء ذلك اليوم الى محطة القاهرة والدي وأخي وأنا لاستقبالها. . فلما وصل القطار إذا بنا نجد بلوتا سوداء اللون كأنها أحد عمال المناجم، لأن المسكينة قطعت المرحلة ما بين بور سعيد والقاهرة في عربة الفحم!.
عرفتنا بلوتو في الحال. . وكم كان سرورها عظيما! فكانت تارة تقبل أيدينا وطورا تجذب أرديتنا، ومرة أخرى تقفز في الهواء، على رغم بدانتها. . أما ركاب القطار فكانوا ينظرون إليها دهشين. . ولما عدنا بها الى المنزل استطاعت بلوتا بقوة شمها الحاد أن تعرف حجرة