تحاول أن تدمج القوميات في جامعة واحدة، فالفاشية تعادي بعضها، وتنظر إلى البعض الآخر نظرة المرتاب، فالوطن، والوطن وحده، هو الذي تخصص له الفاشية جهودها
فهي حركة وطنية تقوم في وجه البلشفية؛ أي أن الرابطة التي تقوم على فكرة الوطن لا تزال تجاهد في أوروبا جهاد المستميت، وهي في كفاح عنيف مع الرابطة التي تقوم على فكرة الطبقات
وسائلها في العمل:
وللفاشية وسائل للعمل. وتتلخص هذه الوسائل في قيام أقلية صالحة بأعباء الحكم. فهناك هيئتان: الهيئة الحاكمة، والهيئة المحكومة. ويجب أن تتضامن هاتان الهيئتان تضامن أعضاء الجسم الواحد. أما المساواة الديمقراطية فلا تعترف بها الفاشية. إذ الناس في الواقع من الأمر غير متساوين، وهم يتفاوتون في القوة والكفاية والصلاحية، ولا عبرة بالمساواة النظرية مادامت المساواة الفعلية غير متحققة. وقد رفع الله الناس درجات بعضهم فوق بعض، فيجب الاعتراف بهذه الحقيقة والإذعان لها. وتستخلص الفاشية من ذلك أن في الأمة أقلية صالحة للحكم؛ ومعيار الصلاحية الكفاية وتغليب المصلحة العامة والقدرة على تحقيقها. وهذه الأقلية هي التي يجب أن تحكم. وهي لا تستمد سلطانها من انتخاب الهيئة المحكومة لها، ولا من ثقة هذه الهيئة بها، بل تستمده من كفايتها وقدرتها على القيام بأعباء الحكم. وترتب الفاشية نتيجة خطيرة على ما تقدم، فهي تبيح الثورة على الحكومة العاجزة، إذ المبرر لبقاء الحكومة في الحكم إنما هو كفايتها، فإذا انعدمت هذه الكفاية، انعدم حقها في البقاء؛ فإذا بقيت بالرغم من ذلك، وجب الانتفاض عليها، ونزعها من كراسيها. وقد طبقت الفاشية هذا المبدأ عملياً، قبل أن يتقرر مبدأ نظرياً، عندما زحفت على روما، وقبضت على ناصية الحكم بالقوة
على أن هذه الأقلية الحاكمة التي تتميز بالكفاية، تتدرج هي الأخرى في السلطان حسب درجة كفايتها. فالكفاية هي الكرسي الذي يتركز عليه الحكم. وتعلو طبقة فوق طبقة. وتخضع الطبقة الدنيا للطبقة العليا، حتى ينتهي الأمر كله إلى زعيم واحد، تلقى في يده أزمة الحكم، وترجع إليه كل الأمور، فيفرض إرادته على أفراد الهيئة الحاكمة، كما تفرض الهيئة الحاكمة إرادتها على أفراد الهيئة المحكومة. وبذلك يقوم ركن الدولة على أسس