قليلة من مصل حصين. فمزجها في أنبوبة من الزجاج بمقدار كبير من حساء كان ربّى فيه مكروب الدفتريا لكي يبث فيه من سمه. ورشح الحساء قبل مزجه بالمصل ليخلص من المكروب
وحقن من هذا الحساء الخليط في خنازير غينية جديدة غير محصّنة - فإذا بها لا تموت
صاح بارنج:(صدق جوتيه الشاعر العظيم حين قال: (إن الدم عصير غريب))
وأخذ يستعد بعد ذلك لتجربته الحاسمة الشهيرة، وعين كوخ الإمام الأكبر لا تبرح تنظر إليه، وتجمعت حوله تلك العصابة الصغيرة المجنونة من رفقائه في ذلك العمل، وازدحموا وقد انحبست أنفاسهم في انتظار ما قد تتمخض عنه هذه التجربة الكبرى، فخلط سم الدفتريا بمصل أتى به من دم خنزير سليم لم تصبه الدفتريا يوما، ولم يتحصن منها أبداً. ثم حقن هذا السم الخليط في خنازير جديدة، ففعل فعله المنتظر فيها. ولم يعقه عن ذلك المصل الذي خالطه، فساء حالها بعد ثلاثة أيام وسرى فيها برد الموت. ووضعها على أظهرها ووكزها ولكنها لم تبد حراكا، ولم تمض ساعات حتى لفظ آخر أنفاسها وذهبت إلى حيث يذهب الأموات
فصاح بارنج:(إن مصل الخنازير الحصينة - مصل الخنازير التي أصابتها الدفتريا ثم اشتفت منها - هذا المصل وحده هو الذي يقدر على محو سمها. وكأني بك تسمعه يتمتم لنفسه وهو المداوي الكبير: (والآن فلعلي قادر على تحصين حيوانات أكبر، فاستخرج مقادير أكبر من هذا المصل الذاهب بسم الدفتريا، وعندئذ آخذ في تجربته في الأطفال المصابين. . . . . إن الذي يشفي الخنازير الغينية لابد أن يشفي الأطفال)
في العدد القادم: بارنج يجرب مصل الدفتريا في الأطفال