المجد الخالد! ولكني أفكر فأجده إنما تحسس فاهتدى كما تحسس من قبله واهتدى رجال قدماء، لا نعرف لهم اليوم أسماء، اخترعوا الأشرعة التي تحمل السفائن عبر البحر في سرعة البرق الخاطف. هؤلاء الرجال الأبطال المجهولون، كم منهم من انقلب به السفين، وكم من جثثهم ما أشبع البحار! أليست هذه دائما هي سبيل الكشوفات جميعها؟
وفي أواخر عام ١٨٩١ كان في شارع إبريك ببرلين دار للتمريض تُدعى دار برجمان وكان بها أطفال فعلت الدفتريا بهم فعلها فهم ينتظرون الموت القريب. وكانت الليلة ليلة عيد الميلاد. ففي هذه الليلة دخلت إبرة صغيرة لمحقن مليء بنصل لأول مرة في جلد طفل لم يعد له في الشفاء رجاء. فصرخ الطفل ورفس برجله قليلا
ما أبهر النتائج التي جاءت من هذه الحقنة الأولى ومن أخوات تَبِعْتها! نعم بعض الأطفال مات. ونعم كذلك مات طفل كان ابن طبيب شهير في برلين ميتة غريبة غير منتظرة عقب الحقنة مباشرة فحصل من جراء ذلك أخذ ورد وجلبة كبيرة. ولكن لم تمض الأيام حتى قامت مصانع كيميائية كبيرة بألمانيا تصنع هذا المصل في قطعان كثيرة من الشياه. ولم تمض ثلاث سنوات حتى بلغ الأطفال الذين حقنوا بهذا الترياق عشرين ألفا. وسار الخبر سريعاً كالشاعة في الناس. وكان بِجْز مدير الصحة الأمريكية الشهير في أوروبا، فلما اطلع على أمر الترياق، هزّه ما وجد منه فبعث البرقية الآتية وهو متأثر ثائر إلى الدكتور بَرْك بنيويورك:
(ترياق الدفتريا ناجح. ابدأ بصنعه)
وكان كوخ أساء إلى ناس كثيرين بسبب علاجه الفاشل القاتل للسل، وبسبب الأرواح الكثيرة التي ضاعت من جرائه. وكانت أقوام كثيرة لا تزال في حزن قريب بسبب من فقدوا. ولكن كشف بارنج أنساهم ما هم فيه، فغفروا لكوخ الشيخ زلته لأنه أنجب هذا الصبيّ البارع