دخل مرة على عبد الملك بن مروان، فذاكره عبد الملك، فرأى فيه نباهة فوصله، وأمر له بشراء دار قطيعة بالمدينة، وبرزق يجري عليه، وأعطاه خادماً وقال له: اذهب فاطلب العلم، فإني أرى لك عينا حافظة، وقلبا ذكياً، وائت الأنصار في منازلهم. قال: فأتيت المدينة، فإذا عند الأنصار علم جمّ، فأخذته عنهم
وقال إبراهيم بن سعد: ما سبقنا الزهري بشيء من العلم إلا أنه كان يشد ثوبه عند صدره ويسأل عما يريد، وكنا تمنعنا الحداثة
وقال أبو الزناد: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس بعد أن كنا نطوف نحن وإياه معنا الألواح والصحف ونحن نضحك به، وكان يكتب الحديث فيحفظه ثم يمحوه
وقال صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري فقال: تعال نكتب السنن فكتبناها ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت
قوة حافظته:
كان يقول: ما استودعت قلبي شيئاً قط فنسيته، وكان يكره أكل التفاح وسؤر الفأر ويقول إنه ينسي، وكان يشرب العسل ويقول إنه يذكر. وقال: كتب عبد الملك إلى أهل المدينة كتاباً في طومارين يعاتبهم به، فقرئ على الناس عند المنبر، ولم يكن سعيد بن المسيب حاضرا، فلما انفض الجمع قال سعيد لجلسائه: ما كان في ذلك الكتاب؟ ليت أنا وجدنا من يعرف لنا ما فيه، فلم يتكلم أحد. فقلت له: أتحب أن تسمع كل ما فيه؟ قال نعم قال: فقرأته له من أوله إلى آخره لم أنس منه كلمة
وقال: ما استفهمت عالماً قط، ولا رددت شيئاً على عالم قط يعني أنه كان يحفظ ويفهم من أول مرة
وقال الإمام مالك: حدثني الزهري بحديث طويل فلم أحفظه فسألته عنه مرة ثانية فقال لي: