أليس قد حدثناكم به؟ فقلت: بلى، فأردت أن أستخرجه، فقلت له: أما كنت تكتب ما تسمع؟ فقال: لا فقلت: أما كنت تستعيد؟ فقال: لا
وقال مالك حدثنا الزهري بمائة حديث، ثم التفت إلي وقال: كم حفظت يا مالك؟ فقلت: أربعين حديثا، فوضع يده على جبهته ثم قال: إنا لله، كيف نقص الحفظ؟
وقال سعيد بن عبد العزيز: سأل هشام بن عبد الملك الزهري أن يملي على بعض ولده، فدعا بكاتب فأملى عليه أربعمائة حديث
ثم إن هشاماً قال له: إن ذلك الكتاب قد ضاع، فدعا الكاتب فأملاها عليه، ثم قابله هشام بالكتاب الأول فما غادر حرفاً
منزلته عند الخلفاء
كان عمر بن عبد العزيز يقول: عليكم بابن شهاب، فأنكم لا تلقون أحداً أعلم بالسنة الماضية منه. قال معمر وإن الحسن وضرباءه لأحياء يومئذ. وقال عمر بن عبد العزيز أيضاً: ما ساق الحديث مثل الزهري، وما أتاك به الزهري بسنده فاشدد يدك عليه
وقد تقدم قول عبد الملك بن مروان له: إني أرى لك عيناً حافظة وقلباً ذكياً
وقال: لما توفي عبد الملك لزمت الوليد، ثم لزمت هشاماً بعده وحججت معه سنة ١٠٦ فكنت مع ولده أعلمهم وأفقههم وأحدثهم ولم أفارقهم حتى مات هشام بالمدينة
منزلته عند العلماء
قالوا: كان الزهري ثقة كبير الحديث والعلم والرواية فقيهاً جامعاً وقال الليث عن جعفر بن ربيعة: قلت لعراك بن مالك من أفقه أهل المدينة، فذكر سعيد بن المسيب، وعروة وعبد الله بن عبد الله، قال عراك: وأعلمهم عندي جميعاً ابن شهاب لأنه جمع علمهم إلى علمه
وقال مكحول: ما بقي على ظهرها أعلم بسنة باقية من الزهري وقال أيوب: ما رأيت أحداً أعلم من الزهري. فقال له صخر بن جويريه: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أعلم من الزهري وقال عمرو بن دينار: مثل هذا القرشي ما رأيت قط، وقال سعيد ابن عبد الرحمن بن جنبل: لولا ابن شهاب لضاعت أشياء من السنن، وقال سفيان بن عيينة: جالست الحسن وغيره، فما رأيت مثل الزهري وقال الإمام مالك: بقي ابن شهاب، وماله في الناس نظير،