وكان إذا دخل المدينة، لم يحدث بها أحد حتى يخرج منها. وقد اتفق الأئمة على أن الزهري مات يوم مات وهو أعلم الناس بالسنة، واتفقوا على أنه كان أفقه من الحكم وحماد وقتاده وقال السمعاني: كان من أحفظ أهل زمانه، وأحسنهم سياقاً لمتون الأخبار، وكان فقيهاً فاضلاً
قال ابن عينية: ما رأيت أنص للحديث من الزهري
سعة علمه
قال علي بن المديني: له نحو ألفى حديث. وقال أبو داود: جميع حديث الزهري ألفا حديث ومائتا حديث نصفها مسند
وقال مالك: لقد أدركنا في مسجد المدينة سبعين ممن يروي الحديث وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان به أميناً، فما أخذت منهم شيئاً، لم يكونوا من أهل هذا الشأن، وقدم علينا الزهري وهو شاب فازدحمنا على بابه
وقدم أحمد بن صالح العراق من مصر ليرى أحمد ابن حنبل، فاستأذن إليه فأذن له، وقام إليه ورحب به وقرّ به وقال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكرن ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا، قال الراوي: وما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد ابن صالح: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكرن ولا يغرب أحدهما على الآخر، إلى أن قال أحمد بن حنبل: عن الزهري عن محمد بن جبير ابن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يسرني أن لي حمر النعم، وأن لي حلف المطيبين. فقال أحمد بن صالح سألتك بالله إلاّ أمليته عليّ. وقال: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيراً
وقال الليث بن سعد: ما رأيت عالماً قط أجمع للعلم من ابن شهاب. لو سمعته يحدث في الترغيب، لقلت ما يحسن إلا هذا؛ وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتب، لقلت ذلك؛ وإن حدث عن الأعراب والأنساب لقلت إلا هذا. قال ابن إسحاق: سألت الزهري عن شيء، فقال ما بقي أحد فيما بين المشرق والمغرب أعلم بهذا مني