إطلاع في التاريخ أو تحصيل شيء من الفنون. . . هكذا يظنون، فينشأ الكسل
والنهضة المغربية تقوم على أكتاف الشباب الناشئ، فهناك شباب يكتبون لأنفسهم، ويقولون الشعر لها أيضاً، وربما أطلعوا بعض أصدقائهم على ذلك، وبعد هذا فإلى ظلمات الدرج، حيث يعلم الله وحده ماذا يكون بها، وكاتب السطور يعرف جماعة من هؤلاء في فاس اطلع لهم على قصص لا بأس به، وشعر له حظه من الجودة يبشران بمستقبل حافل. إذن فالأمل في الشباب الناشئ الذي يقرأ بنهم ما يكتبه أفذاذ الشرق، فاعتدلت بذلك أفكاره نوعاً من الاعتدال، ويوشك إن هو استمر على اجتهاده أن يكون منه أدباء، يبذرون في الأرض المغربية الخصبة بذور الأدب الصحيح، بل إني أؤكد أن هؤلاء الناشئين لابد أن يكون لهم شأن، فما كانت هاته الجهود لتضيع هباء
بهذه اللمحة الموجزة تستطيع أن تتبين ما في المغرب من أدب، وأن نستنتج أنه في الحالة الحاضرة ضعيف الأدب، وأنه وإن لم يكن ميتاً فهو قريب من ذلك، وأن حالة الناشئة تبشر بمستقبل زاهر قريب، لما لهذا الشباب الطموح من عزيمة
والعقلية المغربية أقرب إلى العلم منها إلى أي شيء آخر، ولو كنا نتحدث عن الحالة العلمية لطال بنا الحديث، خصوصاً ما يلقى في جامعة القرويين من دروس جامعة مع اعترافنا بما فيها من نقص وما تحتاج إليه من تهذيب
ولعله استرعى نظرك أننا ما ذكرنا غير الأستاذ محمد علال العباسي فليس معنى ذلك أنه ليس في المغرب غيره، ولكن معناه، أنه - في نظري - أعدل إخوانه الأدباء رأياً، وأقربهم إلى الصواب، فهو أديب حقاً، وله نفسية الأديب، ويحيا حياته. وكل من يعرف وداعته وأخلاقه يطمئن إلى ما نقول، بيد أنه لا يصرف كل أوقاته - ولا جلها - في الأدب، بل اشتغاله به محدود ضيق الدائرة، ولو كان يفعل لكان أديباً جباراً فما خُلق إلا ليكون أديباً
بقي أن نقول إن القرويين والمدارس القومية والحكومية كلها تحمد وتعاب، غير أن أفضل معهد للدرس هو القرويين. ولو كان أبناء (الكولج ومولاي إدريس) يشتغلون بالعربية. لكانوا أنجب من أبناء القرويين، ولكن كل همهم في الأدب الفرنسي والتفرنج، وهم زيادة على ذلك يعيشون في ظلام لا يستطيعون السير فيه وحدهم
وهنا ننوه بما (للرسالة) الغراء على أبناء المغرب من فضل. فإليها يرجع طموح الناشئة،