كنا نظن أن الفرق التمثيلية الأوربية التي تزور مصر وتمثل على المسرح الأوبرا تترك بعض الأثر في نفوس الفنانين المصريين، ولكن يبدو أن الأمر على العكس، فهذه الفرق تأتي وتعود دون أن نحاول أن نأخذ عنها شيئا
زارت مصر في الشهر الماضي فرقة (دبلن جيت) الأيرلندية وأخرجت عدة قصص لشكسبير وغيره. فكان الإخراج أهم ظاهرة لهذه الفرقة، وقد أبدى جميع المخرجين المصريين إعجابهم بعظمة هذا الإخراج، فالمستر هيلتن ادواردز مخرجها يعمد إلى الطريقة الإيحائية ويستخدم منظراً واحدا لجميع فصول القصة، ويستعين بالإضاءة وستار صغير في تبديل المناظر مع تباينها
وأخرج الأستاذ زكي طليمات قصة السيد وكنا نظنه سيقتبس طريقة تلك الفرقة، ولكنه لم يحاول بذل أي جهد، وعمد إلى الطريقة التي ألفناها منذ سنوات طويلة، واستخدم المناظر المتعددة والستائر الكثيرة. والحق أن هذا الإخراج إذا قيس إلى إخراج الفرقة الأيرلندية بدا هزيلاً ضئيلاً
يرى النقاد أن الوحدة إذا توفرت في العمل الفني ذلك من دواعي الكمال والنجاح، ولكن رجاله لا يرون هذا الرأي، وإلا لما كانت طريقة الإلقاء متباينة. فحسين رياض وزينب صدقي وعزيزة أمير وزكي رستم يلقون إلقاء شعرياً ومنسي فهمي وفردوس حسن وغيرهما يلقون إلقاء عادياً، وهذا التباين مما ينفر النظارة، والمخرج في رأيي مسؤول عن هذا الخلط
والإضاءة عادية، ولكننا في منظر قاعة العرش كنا نرى الضوء يسقط على جدار للقصر من يمين النظارة إلى اليسار في حين نرى الضوء يسقط على وجوه الممثلين من يسار النظارة إلى اليمين، وهذا مما لا يرضي الفن ولا الأستاذ المخرج
وفي المنظر الثاني من الفصل الثالث نرى والد ردريج حائراً يبحث عن ولده ويقول:(في هذا الظلام الدامس) بينما ضوء القمر يغمر وجه الممثل وينير الأرض حواليه. ولا يفوتني أن أبدي إعجابي بالإضاءة في الموقف بين شيمين وردريج في النصف الأول من الفصل الثاني، فقد كان الضوء ملائماً للحوار، وكان له أثر ووقع كبيرين في نفوس النظارة