للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شروطها على الحبشة وعلى عصبة الأمم؟ إن نظرة إلى خريطة الحبشة تنقض هذا الزعم، فإن التقدم الإيطالي لم يجاوز حتى الآن المناطق الأمهرية، ولم يتوغل الإيطاليون في الحبشة الأصلية بعد، ولازالت أمامهم دون الاستيلاء عليها مناطق وعرة؛ والجيوش الحبشية لم تسحق كلها ولم تبد، ولكنها اضطرت أن تتراجع أمام الغازات الخانقة وغيرها من الوسائل الفتاكة التي لم يحجم الإيطاليون عن الالتجاء إليها خلافاً لكل قانون وميثاق حينما رأوا عجزهم عن التقدم بوسائل الحرب المشروعة، وهي مازالت تصمد للإيطاليين في الجنوب وحيثما استطاعت إلى ذلك سبيلاً؛ وإذا قارنا ما استولت عليه إيطاليا حتى الآن من أراضي الحبشة بما كان مقترحا أن يعطي لها في مشروع (لافال - هور) ألفينا أنها رغم انتصاراتها المتوالية لم تحقق بعد كل ما كان يراد أن يعطى لها بمقتضى هذا المشروع غنيمة باردة؛ والفرق بين الحالتين أنها تدفع اليوم لتقدمها ثمناً فادحا من المال والرجال

هذا ومن الخطأ أن نعتقد أن مجرد استيلاء الإيطاليين على الأراضي الحبشية يكفل تحقيق الأماني الإيطالية، ويعتبر حلاً نهائياً للمسألة الحبشية؛ ذلك أنه يجب على إيطاليا إذا أرادت أن تستغل ثمار ظفرها، أن تحتفظ بما استولت عليه من الأراضي، وأن تسحق كل مقاومة من جانب الأحباش؛ ولكن المعروف أن دون هذه الغاية صعاباً جمة، وأن إيطاليا ستلقى مدى حين مقاومة من الأحباش، وستضطر إلى أن تتكبد في هذا السبيل جهوداً ونفقات قد تعجز عن الاستمرار فيها إذا طالت مقاومة الأحباش؛ بل يرى بعض الثقات اليوم أن إيطاليا قد استنفذت بالفعل في هذه الحروب الاستعمارية العنيفة كل مواردها القائمة، وأنه إذا بدأ فصل الأمطار في الحبشة قبل أن تسحق مقاومة الأحباش بصورة حاسمة، فإن مركزها وخططها في الحبشة تعرض لأشد الأخطار

ويجب أن نذكر إلى جانب ذلك عاملاً حاسماً آخر، وهو موقف إنكلترا من المسألة الحبشية ومن إيطاليا، وهو موقف ستكشف الأيام القريبة عن حقيقته

وعصبة الأمم ماذا كان موقفها إزاء هذا الاعتداء الشائن؟ لقد بدأت العصبة بداية حسنة، فأسندت تبعة الاعتداء إلى إيطاليا، وقررت تطبيق العقوبات الاقتصادية ضدها؛ وكان للسياسة البريطانية أكبر نصيب في تنظيم هذه الحركة الدولية الخطيرة؛ ولكن فرنسا التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>