للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرقي. ولكنك قد أقررت على نفسك بأنك من أهل الكهف فلا لوم ولا تثريب. قالت: قد أقررت وأنا خليقة أن ألام فأنبئني عن توفيق الحكيم، وكيف انتهينا من حديث كورتلين إليه، وأي سبب بين هذا الشاب المصري وهذا النابغة الفرنسي؟ قال: بينهما سبب لا أدري الآن ما هو، ولعله أن صدقت الظنون وتحققت الآمال أن يكون التفوق والنبوغ، ولعل الله قد أذن لمصر أن يكون فيها كورتلين كما كان في فرنسا. قالت: فإني لا أحب الإطالة، ولا أحب الالتواء، فأوضح وأبن عما تريد. قال توفيق الحكيم يا آنسة شاب مصري، ظهر فجأة بقصة تمثيلية أنت أحد أشخاصها. قالت: أنا أحد أشخاصها! ماذا تقول؟ قال: نعم! لأن أشخاصها أهل الكهف، ولست أريد أن أطيل في تقريظ هذه القصة. وإنما أقول أني قرأت في هذا العام قصصا تمثيلية كثيرة ظهر بعضها بالفرنسية، وبعضها بالإنجليزية، وبعضها بغير هاتين اللغتين. وترجم أليهما أو إلى إحداهما، فكانت قصة أهل الكهف هذه خير ما قرأت من هذه القصص كلها وأحسنها موقعا من نفسي، وأشدها إثارة لإعجابي. ولست أدري أمعجب أنا بموضوعها أم بأسلوبها السهل، أم بألفاظها الساذجة أم بتحليلها الدقيق أم بهذا كله، ولست أشك في أن إعجابي بها سيضاعف منذ اليوم لأنك أحد أشخاصها. ومن يدري لعلك برسكا التي صورها توفيق الحكيم! قالت: وقد ضاقت بهذا المزاح: لو كنت برسكا لما جهلت مبدعي! قال: كم بين الناس يعرفون مبدعهم؟ قالت: وقد كتب صاحبك هذه القصة باللغة العامية؟ قال: لا، بل بلغة لا تبعد كثيرا عن العامية. وليست هذه القصة هي التي ذكرت حين تحدثنا عن كورتلين، فان لتوفيق الحكيم قصة أخرى غير تمثيلية سماها عودة الروح. والغريب أن أهل الكهف ظفرت أول الأمر بإعجاب الشباب والشيوخ جميعا. فلما ظهرت عودة الروح تنكر لها بعض أعلام البيان في مصر، ودعا هذا التنكر بعضهم إلى أن يراجعوا إعجابهم بأهل الكهف فيخففوا منه ويقتصدوا فيه. أما الشباب فأضافوا إعجابا إلى إعجاب، ورضى إلى رضى وبدءوا يتخذون هذا الكاتب الشاب قدوة لهم ومثالا. قالت: وماذا ينكر أعلام البيان من عودة الروح؟ قال لغتها، فهي ككتاب كورتلين أبطالها شعبيون فينطقهم المؤلف بلغة الشعب. ولعله يغرق في ذلك بعض الشيء، وأعلام البيان يكرهون ذلك ويحرصون على إلا تظهر آيات البيان إلا في اللغة الفصحى، وهم يضنون بهذا الشاب على أن ينفق جهده الخصب ويضيع وقته العزيز في هذه اللغة

<<  <  ج:
ص:  >  >>