للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على تقرير عقوبات جديدة أخصها حظر الزيت، فإن الخبراء يرون أن خطط إيطاليا العسكرية تعرض في هذه الفترة إلى أشد الأخطار، فقد يستطيع الأحباش في فترة الأمطار أن ينظموا قواهم مرة أخرى، وتكون موارد إيطاليا قد نفدت أو أوشكت على النفاد فتضطر إلى وقف الحرب وقبول الصلح؛ وتؤمل السياسة البريطانية أن تسنح الفرصة لتقرير العقوبات الجديدة عقب الانتخابات الفرنسية الجديدة، فقد ظهر منها أن فرنسا تميل هذه المرة إلى أحزاب اليسار، وأحزاب اليسار تؤثر تأييد عصبة الأمم ومبدأ السلامة المشتركة، وترى أن هذه السياسة أقرب إلى تحقيق السلام من سياسة التلون والمماذقة التي جرت عليها فرنسا إزاء المشكلة الحبشية، وهي سياسة دفعت ثمنها غالياً في مسألة الرين ونقض ألمانيا لمعاهدة لوكارنو، حيث خذلتها إنكلترا في هذا المأزق، وألقت عليها درسا عميق الأثر

ويرى بعض أقطاب السياسة البريطانية فوق ذلك أنه يجب على إنكلترا إذا اقتضى الأمر أن تلجأ إلى إجراءات الحصار العسكرية، فتغلق قناة السويس بموافقة عصبة الأمم، وتقطع بذلك مواصلات إيطاليا مع شرق إفريقية، وهذا إجراء قد يؤدي إلى نشوب الحرب بين إيطاليا وإنكلترا، لأن موسوليني ما فتئ يهدد بأنه يعتبر إغلاق قناة السويس إجراء عدائياً عسكريا يجيب عنه بالمثل، ولكن أصحاب هذا الرأي يرون أنه خير أن تضطلع إنكلترا بعبء حرب محلية في البحر الأبيض من أن تترك الفاشستية تمضي في تهديدها للسلام حتى تنشب حرب أوربية أو عالمية؛ ويقولون إنه ليس لإيطاليا أن تحتج بخرق المعاهدات الدولية في مسألة إغلاق القناة بعد أن خرقت هي كل العهود والمواثيق الدولية، وهذه النظرية تلقى اليوم كثيرا من التأييد في إنكلترا، بيد أنه يلوح لنا أن السياسة الإنكليزية الرسمية مازالت بعيدة عن الأخذ بها

إن السياسة الإنكليزية تعتمد كثيراً على الزمن وعلى تطور الحوادث والظروف؛ وإذا كانت الظروف لم تحقق إلى اليوم تقديراتها وأمانيها، فليس من ريب في أن استطالة الحرب الحبشية تستنفد قوى إيطاليا ومواردها، وتضعف مركزها في أوربا؛ وقد حققت الحرب الاستعمارية الطاحنة التي تدور في الحبشة منذ سبعة أشهر كثيرا من دواعي هذا الإنهاك؛ ولا عبرة بمظاهر النصر الخلابة التي تهول إيطاليا بها، فأنها تدفع في سبيلها أفدح

<<  <  ج:
ص:  >  >>