وفي عهد الخليفة هشام الثاني الضعيف الإرادة تمكن المنصور وزيره الأول من محاربة الإمارات المسيحية الثائرة
وسنة ١٠٠٢ اجتمع ملوك كابتجاليون وفقارا وباجتماعهم وتضامنهم تغلبوا على هذا القائد الجبار في واقعة (كلا ثانياسير) عاصمة شوريا وهكذا لم يبق للعرب سنة ١٠٣١ سوى إمارات صغيرة أشهرها سافيجا وتولوزا
العلم والعمران
لم يشتهر العرب بالبطولة الحربية فحسب، ولكنهم اشتهروا بالعلم والشعر والاقتصاد، وعرفوا بتنشيط العلوم ونشر الثقافة
اقتبس العرب جذوة من علوم اليونان والفرس - فأشعلوا من تلك الجذوة منارة مضيئة
أسسوا مدارس علمية في بغداد ودمشق، أما في أسبانيا فقد أنشأوا كلية (سالرنو) في قرطبة، وهي الكلية التي كانت لغتها عربية، وعلومها عربية، وأخلاقها عربية، وكل ما فيها عربي، وهي أقدم مدرسة طبية في أوربة كلها
وهكذا ابتدأ العرب يشتغلون في الكيمياء فاستكشفوا الكحول، وأسسوا قصورا ومساجد وجنائن، وجعلوا الأرياف بساتين زاهرة زاهية، وجروا إليها المياه في أقنية هندسية؛ لذا نقول بحق إن العرب كانوا أكثر مدنية في القرون الوسطى من أوربا كلها
وإني لأقول بحق إن المدنية العربية الأسبانية، نعم المدنية العربية، كانت جوهرة ثمينة في ثقافتها وعلومها الاجتماعية وعمران مدنها وازدهارها في جميع نواحي الحياة، حتى إن مدنية باريس ولندن في هذا العصر لم تمتازا عن حضارة العرب في تلك العصور
إن قرطبة كانت تحتوي على مائتي ألف منزل ذي بناء شاهق وفن متقن، وعلى ٦٠٠ مسجد ومستشفى وقصور فخمة، وعلى ٩٠٠ حمام وجنائن هندسية زاهرة، وأكثر من نصف مليون من السكان، ولقد أسس ملوكها مدارس في كل مزرعة وقرية ومدينة، وعلموا الذكور والإناث القراءة والكتابة حتى لم يبق في أسبانيا العربية أمي واحد
ولقد كان في قرطبة جامعة رئيسية؛ وإلى هذه الجامعة كان يقصد عشاق العلم وطلابه، ومن مفاخر هذه الرسالة العربية أن النساء كن يثقفن ثقافة كاملة شاملة
نعم النساء المخدرات كن يجدن القراءة ويعرفن التاريخ والفلك و. . .