وإن الوزارة حريصة على أن تيسر لكم مهمتكم وهذا هو صديقي وكل وزارة المعارف خير ضمان لتنفيذ ما تطلبون فإن لي فيه الأمل الكبير والثقة العظيمة
كتاب عن مكيافيللي
صدر أخيراً كتاب جديد عن مكيافيللي وعصره بقلم الدكتور اركسين موير وقد صدرت كتب كثيرة عن مكيافيللي وعصره، أهمها وأشهرها المؤلف الجامع الذي وضعه المؤرخ الإيطالي فيلاري عن (حياة مكيافيللي وعصره) ولكن شخصية مكيافيللي وآراءه السياسية والاجتماعية مازالت تشغل البحث في عصرنا؛ بل إن فكرته في الدولة وفي الحكم تتبوأ مكانة هامة. ذلك أن فكرة الدولة تغدو في أوربا مسألة اليوم، ولاسيما الدولة التي تتجسم في شخص طاغية كما هو الشأن في ألمانيا وإيطاليا. ومن المعروف أن الفكرة الفردية قد قضى عليها اليوم في ظل النظم الطاغية الجديدة كالهتلرية والفاشستية، وأن فكرة الدولة تسود كل شيء في هذه النظم، وأن الدولة وكل مرافقها وقواها هي أداة في الأيدي الطاغية التي تشرف على النظام وتحركه؛ ونحن نلمس في فلسفة مكيافيللي أصول هذه النظريات الطاغية، فالكتابة عنها اليوم مسألة لها خطرها. ومما يذكر في ذلك أن موسوليني طاغية إيطاليا درس في شبابه كتاب مكيافيللي (الأمير) دراسة عميقة، وأنه مازال يردد اليوم (أن مكيافيللي يعيش اليوم أكثر مما كان يعيش منذ أربعة قرون) ومن أقوال مكيافيللي المأثورة في كتابه السالف قوله: (إذا كان الحكام جميعاً من الطراز الصالح فعليك أن تفي بعهودك؛ أما وهم خونة لا يفون بعهدهم فعليك من جانبك ألا تفي لهم بعهد)، وهذه النظرية تشتد وطأتها اليوم في أوربا
والواقع أن مكيافيللي أراد في كتابه أن يحلل نفسية أبناء وطنه في عصره وأن يحاول بملاحظته الدقيقة أن يجد ذلك الطراز من الطغاة الذي يستطيع أن يجمع الكلمة، وأن يسبغ على الوطن نعمة الحكم المستنير؛ ولكن الآراء والمبادئ الجافة الخطرة التي تتخلل مباحث مكيافيللي قد طبعت عقيدته في الحكم بطابع أسود، وجعلتها مضرب الأمثال للسياسة الفادحة الخطرة؛ على أن بعض الباحثين يرون أن هذه النزعة ترجع إلى حكم مكيافيللي على مجتمعات عصره، والى اعتقاده بأن الإنسانية تقوم على مبادئ وضيعة، وهو اعتقاد لم