وقد أردت أن أنتهز فرصة الاجتماع الأول لأبين لحضراتكم مبلغ عناية الوزارة وحرصها على هذا العمل الجليل، ولأتشرف بالتعرف إلى من لم يسبق لي رؤيته من حضراتكم
وإنه لحظ سعيد لي فوق كونه حظا عاما أن يشرع في هذا العمل وأنا وزير المعارف، فقد عنيت بهذا الموضوع من سنوات، وكنت أنادي بضرورة وضع هذا المعجم، فهو واجب وطني يفرضه الإخلاص للغة والعلم والدين
ومما يزيدني سرورا أن يكون في تنفيذها هذا المشروع استجابة لقرار المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في سنة ١٩٣٠، وتحقيقاً لرغبة العالم العربي أجمع. وإنه ليحق لمصر أن تفخر بتلبيتها نداء العالم العربي فوق ما فيه من فائدة خاصة لها
وإني لأعد هذا العمل من أجل الأعمال وأخلدها، بل اعتقد أنه لا فرق بين خلود هذا العمل الجليل وخلود الأهرام إن لم ير بعض حضراتكم أنه أعظم، ففي تحقيقه احتفاظ بهذه اللغة الشريفة، لغة القرآن وتهذيبها من الدخيل، وتحقيق لوحدة الأمم العربية بهذه الوسيلة وهي المعجم
وقد ساعدت العناية الإلهية مركز مصر الجغرافي أن تكون مصر زعيمة الثقافة الإسلامية في العالم العربي، وقد رضيت لها الأمم العربية هذه الزعامة وأقرتها
وإن المشروع الذي أريد أن نبدأ به هو هذا المعجم الوسيط مترسمين في وضعه المنهاج الذي ذكر في قرار تأليف اللجنة حتى يسد حاجة طلاب اللغة ورجال الثقافة من أمثال خريجي دار العلوم ومن في طبقتهم، فإذا ما وفقكم الله وأتممتم المعجم الوسيط شرعتم في وضع معجم مدرسي للجيب يسد حاجة الطلاب المبتدئين، وبعده تفرغون لمعجم بسيط بجميع شوارد اللغة ويسد حاجة الأدباء والعلماء. ثم تأتي بعد هذا مرحلة أخرى هي وضع موسوعة عربية تكون مرجعاً عاماً يتناول الفنون والعلوم والآداب وغيرها، فإذا وفقنا إلى إنجاز هذا كله حق لنما أن نفخر بأن مصر أصبحت بحق عضواً نافعاً في الهيئة الاجتماعية، وأنها قد أدت رسالتها كاملة عن اللغة العربية
هذا هو برنامج وزارة المعارف الذي أرجو أن يكون برنامجاً قومياً يأخذ كل وزير فيه بنصيب، وهذا هو اعتقادي وأملي الذي أرجو أن يتحقق على أيديكم وبفضل معونتكم الصادقة حتى يكون لكم شرف وضعه وإتمامه، ولي بعدكم الثواب من الله على مثل هذا