إليه؛ فإذا تظاهر بالإعياء فلتغض الطرف عنه ليسعى ثم يسعى. ومن يتأمل ير على الطفل إمارات الارتياح إذا ما وصل إلى غرضه بعد كد وسعي
وإذا ما سقط وهو يمشي فلا نظهر انزعاجنا ونسرع إليه نلتقطه مظهرين الحنو عليه، بل نتركه ينهض بنفسه. فبهذا وبأمثاله تربي فيه صفة الاعتماد على النفس والثقة بها، وهما من أقوى عوامل النجاح في الفرد، وأمتن أسس البناء في الأمة
يلي هذا وذاك في الترتيب، ويتقدمه في الأهمية، أمر أعصاب الناشئ. ينبغي عدم الالتجاء بحال إلى تخويف الطفل لحمله على الإذعان برسم صور خيالية مرعبة في مخيلته. هذه الصور الخيالية المرعبة هي شر ما يحطم النفس البشرية؛ هي الجرثومة الخبيثة لمرض الجبن، أعصى الأمراض الاجتماعية على العلاج وأشدها فتكا بالجماعات
لست أقول بترك الطفل يعمل بلا تقويم، ولكني أقول بأنه يجب تقويمه في عناية وبغير إفساد خياله (بالمرهبات). فإذا تقدم في السن فلا بأس بإشعاره بسوء عاقبة الخطأ بحرمانه أو بضربه بالقدر الكافي مع الهدوء التام والقصد. ومن الواجب أن نظهر استحساننا واستهجاننا في مناسبات ذلك
بهذا يمكن أن نربي في الطفل قوة الاعتماد على النفس وحكم الأعصاب والشجاعة والمثابرة. وإذا ما ترك المنزل إلى المدرسة أو المصنع على هذا فإنه يكون مزوداً بالقدر الكافي للحياة الكريمة
وفي المكتب أو المدرسة وفي المصنع وفي الشركات ومصالح الحكومة ودار العمدة يمكن تناول هذه الصفات بالتقوية. ولكن أقوى الدعائم ما يكتسبه الطفل في المنزل سواء بالتقويم والتعويد، أو بالمثل والقدوة
فالأولاد يكسبون كثيراً إذا ما شاع في البيت شعور المحافظة على الكرامة والقيام بالواجب والتمسك بالحق. إذا احترم كل من الزوجين الآخر، ولم يتحكم الكبير في الصغير، ولم يستغل ضعف الخدم لإرهاقهم وظلمهم؛ وبالجملة إذا حرص رب الدار على ألا يكون في بيته إرهاب أو إذلال أو استكانة، ينشأ مع الأولاد شعور بالعدل والعزة، ونفور من الظلم والعدوان
والنشأة المنزلية الملهمة للحرية والاستقلال تهون ذيوعهما في الجماعة. فالغالب فيمن لم