أسرار حرفنا فلا حاجة بنا إلى معرفة أسرار حرف الغير!
- وما رأيك في القصائد والملاحم، كقصائد وملاحم هوميروس وفرجيليوس وطاسو تصف مواكب الأبطال وفتوحات الشعوب وما قامت بها من الحضارات ودكته من الحصون وأحرقته من المدن وأفنته من الجيوش؟
- لقد مضت نشوة تلك الأيام يا سيدي. أيام اليونان والرومان حيث لم يكن للأمم غير فكرة الاقتتال والتطاحن والاعتقاد بكل أشكال الخرافات وبآلهة ومخلوقات تنزل من السماء وتحارب مع هؤلاء ضد أولئك، فالشعب اليوم لا يثق كثيراً بخيال الشعراء، ويريد منهم أن ينشدوا له الحقيقة والفضيلة والصلاح وإلا تخلّف عن سماعهم ومطالعة منظوماتهم
- وفي رواية لطيفة رقيقة تتضمّن وصف حوادث رجال ونساء يتحابون ويتخاطبون ويتراسلون ويتواشون ويتخاصمون ثم يعودون فيتصالحون ويتشاكون، وبعد كثير من المغامرات يتزاوجون ليعيشوا أغنياء سعداء في أحد فنادق لندن أو باريس؟
- نكون كمن يقرأ بالصينية أو اليابانية لجهلنا معاني هذه الحوادث وأسرارها، أننا لا نقرأ إلا روايات الخادمات والخائطات إذا روعيت في كتابتها شروط الحشمة والأدب كي لا تضطر ربات الأولاد إلى نزعها من جيوب البنين والبنات وطرحها في النار
- ما قولك في هذه القصص البسيطة التي تصف بيوت الشعب وعاداته وإصلاحاته وميوله وأخلاقه وصدقه وبؤسه وسعادته وحوادث أفراده بلغه سهلة كلغته وتعابير ساذجة كتعابيره
- في اعتقادي يا سيدي أن هذه هي الكتب التي تستهوي العمال ولا سيما زوجاتهم وبناتهم، لأن المرأة تمثل كل شعور الأسرة فمتى قرأت ربة البيت أو ابنته كتاباً ما، فكأن الأب والأخوة قرأوه أيضاً، فنحن أرواح المسكن، فما نحبه تحبه حتى الجدران، إن النفس تهذَّب في البيت أما العقل فيثقف في المدرسة
- يجب أن تكون حوادث هذه القصص حقيقية، أليس كذلك؟
- نعم لأننا نحيا الحياة الحقيقية، والحقيقة هي شعرنا
- وأن تكتب بلغة نثرية؟
- نعم لأنها أسهل علينا ونحن لا نحب إلا الذين يتكلمون مثلنا، يجب أن ينظم الشعر للطبقات العالية فقط لأنها أقدر على تفهم معانيه وحل رموزه، أو في الذكريات والحنين كما