إلى روحه في أواخر القرن الرابع شاعرهم الشريف الرضي أبياتا من الشعر حارة جميلة، بل ان العباسيين عندما قامت دولتهم احترموا قبره فلم ينبشوه كما نبشوا قبور غيره من بني أمية، على أن أبلغ من وصفه وابنه رجل كان يحكم الظروف السياسية خصمه العنيد بل عدوه اللدود، ذلك ملك الروم أليون الثالث. أخرج ابن الجوزي عن محمد بن معبد قال (أرسل عمر بن عبد العزيز بأساري من أساري الروم ففادى بهم أساري من المسلمين. قال فدخلت على ملك الروم يوما فإذا هو جالس على الأرض مكتئبا حزينا. فقلت ما شأن الملك؟ فقال أو ما تدري ما حدث؟ قلت ما حدث؟ قال مات الرجل الصالح! قلت من؟ قال عمر بن عبد العزيز، ثم قال ملك الروم: لأحسب انه لو كان أحد يحيى الموتى بعد عيسى بن مريم لأحياهم عمر بن عبد العزيز. ثم قال إني لست أعجب من الراهب أن أغلق بابه ورفض الدنيا وترهب وتعبد، ولكني أعجب ممن كانت الدنيا تحت قدميه فرفضها وترهب)
أما نحن فنلحظ فيه خير نزعاته واشرف عواطفه: نلحظ فيه حبه للسلام وسعيه في توفيره في العالم، فهو بحق داعية السلام في القرن الأول الهجري والثامن الميلادي، وكفى بذلك مفخرة في الدنيا، وقربة في الآخرة.