ما أبغض هذا الاسم! سلاميس. . . سلاميس! وأثينا! يا للذكريات السود!)
وعيل صبر أتوسا، فسألت الرسول أن يقص الخبر كاملاً كما وقع، فانطلق يروي المأساة، ويصور الهزيمة، برغم تفوق الفرس على اليونانيين في العدد، وبرغم أن لهم أسطولاً ينيف على ألف سفينة كاملة العدة، في حين لم يكن لهيلاس كلها غير ثلثمائة. . . (. . . ثم انقضت سفنهم على أسطولنا الضخم فأوقعت به وأعملت النيران فيه، وكنا ننظر في الأرض فنجد جندا، وفي البحر فنجد جندا، وفي السماء فنجد جندا. . . وأنا لا أقول إلا أن آلهة أثينا كانت تدافع عن أوطانها مع الأثينيين. . . وهكذا تمت هزيمتنا. . . وقتل كل قادتنا، ولاذت الفلول القليلة التي أفلتها القتل بالفرار. . .). . . وكان الرسول بارعاً أيما براعة حينما ذكر هتاف اليونانيين بجنودهم فوق الشاطئ:(أيها اليونانيون هلموا. . .! أنقذوا هيلاس، وخلصوا أطفالكم ونساءكم، واحفظوا قبور آبائكم، واحموا هياكل أربابكم، وأقداس آلهتكم. . . من العبودية!! قاتلوا! وفي سبيل الوطن من استشهد منكم!!)
- ٥ -
وكان الرسول لم ينته من سرد قصته بعد، حين صرخت أتوسا المرزّأة، وحين تناوح المشايخ النجب من هول ما سمعوا
قال الرسول:(وليس هذا فقط يا سادة، بل هناك مصيبة المصائب لما يجيء ذكرها بعد. . .)
- (ذؤابة الجيش. . . النبلاء. . . مجلس شورى الإمبراطور. . . لقد كانوا يشرفون على المعركة من ربوة في جزيرة عند سلاميس. . . وما كادت النهاية المحزنة تتم حتى أحدق بهم اليونانيون من كل فج، فمزقوهم إرباً، وساروا برؤوسهم فوق أسنة الرماح يتغنون وينشدون ويهتفون. . .
- (والإمبراطور!)
- (لاذ بالفرار يا سادة، في بعض الكواكب التي نجت قبيل النهاية!)
- (وفلول الجيش!)
- (من لم يذق كأس الردى في المعركة، تشرد في آفاق هيلاس، ومات من جوع ومن ظمأ.