لقد كانت الفصائل تهيم على وجهها في برية موحشة، فإذا بلغت إحدى مدائن اليونان أبى أهلها أن يطعموها. . . فتموت جوعاً!)
- (ثم؟. . .)
- (ثم عبرت البقية الباقية المنهوكة مياه الهلسبنت، على أن الأكثرين ماتوا ثمة غرقاً. . . لأن آلهة الأولمب أرسلت العاصفة على قنطرة السفن الضخمة فغاصت بمن عليها في الأعماق. . .)
وتكون الإمبراطورية المحزونة قد بلغ بها الجهد ونال منها الأسى، فتذهب لتقرب للآلهة وتصلي لأربابها عسى أن تخفف من أثر الفاجعة، وتوصي، إذا وصل ابنها الإمبراطور قبل أن تعود أدراجها، أن يتلقوه بالبشاشة، وأن يهونوا عليه قدر ما يستطيعون
- ٦ -
ويفتأ المنشدون - السادة الأشياخ النجب - يبكون حظ فارس العاثر، وينعون على أجزرسيس سوقه زهرة شبابهم إلى المهالك، ويذكرون بالخير والأسف إمبراطورهم الراحل - دارا، الذي صان البلاد ووقاها هذه العاقبة السوداء، التي ردّاها في أغوارها ولده من بعده. . . الإمبراطور الطائش الذي ذهب على وجهه بعد الهزيمة ميمما شطر الهلسبنت ليهرأه البرد، ويعصره شتاء أبيدوس القارس. . . ثم يستهولون العاقبة التي تتبع الهزيمة المروعة من غير ريب. . . وإنها لا بد آتية. . . فسينتفض الناس على عرش فارس وستثور الولايات. . . وتستقل مصر. . . وتخلع ليديانير الأعاجم. . . وتنتثر حبات العقد. . . وقد تتحطم الواسطة نفسها
وفيما هم يتناجون ويتباكون، إذ تقبل آتوسا البائسة! وهي تقبل هذه المرة لتذرف دموعها كرة أخرى. . . وهي تقبل مترجلة. . . لا تحملها عربتها الملكية المسرجة. . . ولا تجرها الخيول الفارسية المطهمة. . . (لأنه لا أبهة لهذا البلاط بعد اليوم، ولا صولة ولا صولجان. . . إن المخاوف تحدق بي. . . والوسواس تصرخ في وجهي، وتملأ صيحاتها المنكرة أذني. . . وقد حملت أضحية لروح زوجي، وقرباناً من اللبن الأبيض، وشهداً اشتاره نحل آذار. . . وخمراً. . . عتقتها أحداث المجد التالد. . . وزيتاً من تلك الزيتونة الشرقية الوارفة. . . التي يا طالما تفيأ ظلالها دارا. . . ووروداً ورياحين، ومن كل ما