المأثور. على أن خطبي جليل، وخطابي كليل. فتنزهت في حديقتين زهراوين أنيقتين، وبحت بما كان مكتتماً، ونحت مفتتحاً ومختتما، وأنا أستغفر الله من تشحطي في تسخطي، ومن عاري الأشعار الكاسدة الأسعار وصفت فيها المقبوحين بالجمال والمنقوصين بالكمال. . . . وكنت نظمت كل هذه الأشعار إذ قلبي مشتعل، ثم أخرتها خمس سنين إذ لبي مشتغل، وفكرت في صرعة الموت، وفي سرعة الفوت، فبادرت الآن إملاء هذا الكتاب إذ رغبت إلى فيه بعض الكتاب، رجوت به الترحم علي من كل من يقرؤه؛ وعسى الله أن استحققت العذاب يعفو عني ويدرؤه). . . . . . .
(ابني متى أبني مجداً هدمه الدهر يوم مصابك؟ ومتى أخصب في ربع أمحله الدمع غب غيابك؟ تركتني في الإظلام نهاراً، وأجريت دمعي أنهاراً، فأي مرثية فيك أسلو بها، وإن أعجب الناس بأسلوبها، وأي عيشة بعدك ألهو بها، وحسرتك لا يطفأ حر ألهوبها؟ أستغفر الله قد سلوت بعض السلو، بأم العلو، أتتني بعدك على الكبر، فحمدت الله وعددتها من الحسنات الكبر ثم قلت بديهاً:
يهب الله لمن شا ... ء إناثاً وذكورا
فإذا أعطاك بنتاً ... فكن الراضي الشكورا
واسأل الله - لك الخي ... ر رواحاً - وبكورا
وأقم في العسر واليس ... ر وذر عنساً وكورا
فعلى الأفراخ حباً ... تألف الطير الوكورا
وما أتت إلا ورزقها معها، ما أقنط نفس المرء وأطعمها، ساعة أفرح بها فأسلو، وساعة بالحزن فيك وفيها أخلو، وطورا أمر أخلاقاً وطوراً أحلو، إذا ذكرت الموت اشتغل بال أمها بل بالي، وإن نظرت محاسنك فيها اهتاج بلبالي، فترحتي أكثر من فرحتي، وسبيل الدنيا هذي السبيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل
حببت ابنتي وابني فقد عاشت ابنتي ... لهمي ومات ابني ولم يمت الحب
وما ذكر يشفي كأنثى تهمني ... ولكنني راض بما صنع الرب
وبهذا البيت تنتهي الخطبة الثالثة. ويليها شعر الديوان مرتباً على حروف المعجم في ١٨٢ صفحة، ويليه مندمجاً فيه مجموعة صغيرة من الشعر في نفس الموضوع التزم فيها لزوم