يستهان به في إحياء الآمال في نفوس الأحداث، وقد كانت ميتة آنئذ، وفي إيقاظ الروح الأدبية الكامنة، وتوجيهها في السبل القويمة
لقد نشطت الحكومة، بعد استقرار الوضع السياسي في البلاد، إلى إرسال البعثات العلمية سنوياً إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وغيرها من المعاهد الراقية في سورية وفلسطين، وتنبه الشعب الأردني إلى فضل العلم والأدب في نهضات الشعوب، فبادروا إلى إرسال أبنائهم على نفقتهم الخاصة إلى بيروت والجامعة السورية في دمشق، وإلى المدارس الثانوية في فلسطين، ولكثرة الطلاب كثر الإقبال على مطالعة الأدب، المصري منه والسوري؛ فكان أثره في إيقاظ الحركة الفكرية، وتجديد الحياة الأدبية غير يسير
كل ذلك كان يحدث، بينا الصحافة المصرية تغذي نفوس الأحداث بأدبها الراقي وعلمها الصحيح. ولا أبالغ إذا قلت إنه كان (للرسالة) أثر ملموس في إحياء النهضة الفكرية، وتشجيع الحياة الأدبية في البلاد. فقد كان إقبال الطلاب خاصة على مطالعتها شديداً. وأنني - أذكر على سبيل - أنه كان يباع منها في حين نحو ثمانين عدداً أو أكثر في بلد صغير كالسلط. (فالرسالة) وغيرها من المجلات والصحف العربية كانت ولا تزال، تسد عوز البلاد وافتقارها إلى صحافة حرة تعمل على تشجيع الإنتاج الأدبي، (وتحيي في النشء أساليب البلاغة العربية)
بيد أنه، وإن لم يقم في شرق الأردن إلى الآن مؤلف بالمعنى الصحيح، أو أديب منتج يستمد مادته وموضوعه من الحياة، إلا أننا نرى طلائع نتائج هذه العوامل المختلفة في تكوين النهضة الأدبية الحديثة في قيام فئة قليلة من حملة الأقلام النثرية كأديب عباسي، والدكتور محمد أبو غنيمة، وبشير الشريقي، وعبد الحليم عباس، والبدوي الملثم وغيرهم؛ والشعرية أمثال مصطفى وهبي التل شاعر النوَر، وصاحب ديوان (عشيات وادي اليابس)، وحسني فريز، والشيخ رشيد زيد، وحنا الشوارب وغيرهم من الأدباء الأحداث
لكن شرق الأردن تمتاز عن الأقطار العربية الأخرى، وخاصة الساحلية، بنوع خاص من الأدب، أعني به الشعر البدوي. وهو، وإن قل، من حيث الكمية والنوع عما قبل، فأنه لا يخلو من عناصر حية تميزه عن غيره من الشعر الراقي المعروف في شرق الأردن وفي كثير من البلدان العربية. والشاعر البدوي شاعران: شاعر رواية، يحفظ، على أميّته كمية