وافرة من القصائد المختلفة، قديمة كانت أم حديثة، ويلقيها في شتى المناسبات كمجالس الشيوخ والأفراح المختلفة من مولد وختان وعرس! وشاعر منشئ مبتكر، وعدد الفئة الأخيرة يسير جداً إذا قيس بالفئة الأولى. وأكثر ما يكون الشعراء المنشئون في مضارب البدو على سيف الصحراء. أما أشهر أبواب الشعر البدوي في المدح والحماسة والغزل والعتاب والرثاء. ويطول بنا المقام إذا أردنا أن نتبسط في وصف هذا الشعر، وفي معالجة شتى أبوابه بإسهاب؛ لكننا نقتصر على ذكر فريق من الشعراء البدو المخضرمي - أي الذين نشأوا في أواخر القرن التاسع عشر ولحقوا العشرين - ونخص منهم بالذكر نمر العدوان؛ وقصيدته في رثاء زوجه فصحاء مشهورة، تتناقلها الألسنة في كل مكان. وهو يستهلها بمخاطبة ابنه عقاب قائلاً: -
البارحة يا عقابْ يومَ القمرْ غاب ... بليلة العيد السعيد الجديد
إلى أن يقول، واصفاً نفسه بعد ما ألم بها من حزن لفقد زوجه:
كل ما غشيت أمراحْ أو جئتْ مرقابْ ... لَجوح جوحَ الذيب وعضّ بيدّي
أنهفْ ونوح وَأقطر الدمعْ سكّابْ ... على صويحبيِ اللي راح ما هو من إيدّي
يا قلبي تقولْ سفوتّ حديد شبّاب ... يا مهجتيِ لو أنّه حجرْ كِن صار شيد
من لامني يا عقابْ يبلى بأرقط ثاب ... من جنّة الوهاب ما يستفيد
ومعنى هذه الأبيات (أنني كلما مررت بربع، أو صعدت جبلاً، عويت كالذئب، وقضمت كفي حزناً، ونحت وسكبت الدمع مدراراً على صاحبي المفقود؛ وإن بقلبي ناراً تضطرم اضطراماً يكاد منها ذلك القلب لو كان حجراً، أن يصير كلسا. ألا فليبتل يا عقاب من لامني في ذلك بحية تميته ميتة لا يدخل بعدها الجنة)
ومن هؤلاء الشعراء أيضاً أبو الكباير من قبيلة الشرارات، وهو مشهور بالشعر الحماسي، ووصف الغزوات والمعارك. وقصيدته في مدح عودة أبي تايه وقد تحاربت قبيلته مع أهل الكرك. وفي هذه القصيدة يقول، بعد أن يستهلها بذكر الله وطلب عفوه وغفرانه، شأن غيره من شعراء البدو:
قُمْ يا علي نُشْرفْ على كلّ طايلْ ... شدّيتْ عوصا تقطعْ الدوّ حايلْ
أي انهض يا علي (وهو بطل الطليعة) وأعدّ فرسك، لنقطع الفلاة، ونشرف على مواقع