الجديدة والخطأ الجديد، كل ذلك إن كان جديداً من صاحبه فهو قديم في الدنيا؛ وليس عندنا أبداً من جديد إلا إطلاق الحرية في استعمال كل أديب حقه في الوقاحة والجهل والخطأ والغرور والمكابرة
قال الأستاذ (م): وليس الظاهر بما يظهر لك منه ولكن بالباطن الذي هو فيه؛ فمستشفى المجاذيب قصر من القصور في ظاهره ولكن المجاذيب هم حقيقته لا البناء. وكل مجدد عندنا يزعم لك أنه قصر عظيم وهو في الحقيقة مستشفى مجانين، غير أن المجانين فيه طباع وشهوات ونزَوات. وعلى هذا ما الذي يمنع الفجور المتوقح أن يسمي نفسه الأدب المكشوف؟
قال (ن): وإذا أنت ذهبت تعترض على هذه التسمية زعموا لك أن للفن وقاحة مقدسة. . . . وأن (لا أدبية) رجل الفن هي (اللا أخلاقية العالية). . . .
قال الأستاذ (م): فوقاحة الشهوة إذا استعلنت بين أهل الحياء وأهل الفضيلة ودعت الى مذهبها، كانت تجديداً ما في ذلك ريب. ولكن هذا المذهب هو أقدم ما في الأرض إذ هو بعينه مذهب كل زوجين اجتمعا من البهائم منذ خلق الله البهائم. . .
قال (ن): وقل مثل ذلك في متسخّط على الله وعلى الناس يخرج من كفره بين أهل الأديان أدباً جديداً، وفي مغرور يتغفل الناس، وفي لص آراء، وفي مقلد تقليداً أعور؛ كل واحد من هؤلاء وأشباههم مبتلي بعلة، فمذهبه رسالة علته؛ وأكثرهم لا يكون ثباته على الرأي الفاسد إلا من ثبات العلة فيه
قال المحدِّث: وكنتُ من المجددين فأرمضني ذلك، وقلت للعجوزين: إن هذا نصف الصحيح؛ أما النصف الآخر فهو في كثير من هؤلاء الذين ينتحلون الدفاع عن الدين والفضيلة. نعم إنهم لا يستعملون حقهم في الوقاحة، ولكن القروش تستعمل حقها. . .
فضحك العجوز (ن) وقال: يا بني إن الجديد في كل حمار هو أن يزعم أن نهيقه موسيقى. . . فالحمار والنهيق والموسيقى كل ذلك لا جديد فيه، ولكن التسمية وحدها هي الجديدة. ولو كان البرهان في حلق الحمار لصح هذا الجديد، غير أن التصديق والتكذيب هنا في آذان الموسيقيين لا في حلق حمارنا المحترم. . .
قال (م): وزعموا أن رجلاً نصب فخاً لصيد العصافير، فجاء عصفور فنظر من هذا الفخ