للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الى شيء جديد فقال: يا هذا! مالك مطمورا في التراب؟ قال الفخ: ذلك من التواضع لخلق الله. قال: فممَّ كان انحناؤك؟ قال الفخ: ذلك من طول عبادتي لله. قال: فما هذه الحبة عندك؟ قال الفخ: أعددتها لطيور الله الصائمين يفطرون عليها. قال العصفور: فتُبيحها لي؟ قال: نعم

فتقدم المسكين اليها، فلما التقطها وقع الفخ في عنقه، فقال وهو يختنق: إن كان العُبّاد يخنقون مثل هذا الخنق فقد خلق إبليس جديد

قال (ن): فالحقيقة أن إبليس هو الذي تجدد ليَصْلح لزمن الآلات والمخترعات والعلوم والفنون وعصر السرعة والتحول. وما دام الرقي مطردا وهذا العقل الإنساني لا يقف عند غاية في تسخير الطبيعة، فسينتهي الأمر بتسخير إبليس نفسه مع الطبيعة. . لاستخراج كل ما فيه من الشر

قال (م): ولكن العجب من إبليس هذا. أتراه انقلب أوربيَّا للأوربيين؟ وإلا فما بالُه يخرج فيهم مجددين من جبابرة العقل والخيال ثم لا يؤتينا نحن إلا مجددين من جبابرة التقليد والحماقة؟

قال المحدث: فقلت لهما: أيها العجوزان القديمان، سأنشر قولكما هذا ليقرأه المجددون

قال الأستاذ (م): وانشر يا بني أن الربيع صاحب الإمام الشافعي مر يوماً في أزقة مصر فنثرت على رأسه إجانة مملوءة رمادا، فنزل عن دابته وأخذ ينفض ثيابه ورأسه فقيل له: ألا تزجرهم؟ قال: من استحق النار وصولح بالرماد فليس له أن يغضب. . .

ثم قال محدثنا: واستولى عليَّ العجوزان ورأيت قولهما يعلو قولي وكنت في السابعة والعشرين وهي سن الحِدَّة العقلية فما حسبتُني معهما إلا ثُلث عجوز. . . . مما أثرا علي، وانقلبت لا أرى في المجددين إلا كل سقيم فاسد، واعتبرتُ كل واحد منهم بعلته، فإذا القول ما قال الشيخان وإذا تحت كل رأى مريض مرضٌ، ووراء كل اتجاه إبرة مغناطيسية طرفها إلى الشيطان. . .

وفرغنا من هذا فقلت للشيخين: لقد حان وقت نزولكما من بين الغيوم أيها الفيلسوفان؛ أما كنتما في سنة ١٨٩٥ من الجنس البشري. . .؟

(لها بقية - طنطا)

<<  <  ج:
ص:  >  >>