المذاويد؟ لقد انتفضت فارس تبكي أفلاذ أكبادها فأين تركتهم دون وليٍّ ولا نصير؟ أكانت تعدهم لهذا العبث الذي قذفت بهم فيه وهم زهرتها وذخيرتها وعتادها؟ ويلاه! يا للساعة ويا للحساب العسير؟ لقد كان أجدر لو لم تلقك آسيا أيها الملك كسيرة القلب مهيضة الجناح، لا حول لها ولا طول، ولا مجير ولا هاد!)
- (زهٍ! زهٍ! يا سادات فارس! يا للحظ العاثر والمجد الغابر! أو هكذا يا رب تخزيني ملء رعيتي وبين جدران بيتي؟)
- (بل نحييك بالصراخ والعويل كما كان المارياندون يحيون موتاهم. . .)
- (إذن، فهلموا فابكوا! لتنهمر دموعكم حتى ما تجف، ولتشق السموات آهاتكم حتى ما تقف! ألا ما حيلتي؟ لقد اتحدت عليّ الأقدار، واسودت في صحائف غيبي الحظوظ!)
- (بل نحن نصرخ في وجهك صرخة فارس التي كلها ألم وشجو. . .)
- (وا أسفاه! ماذا عساني كنت صانعاً وقد اتحد مارس وملؤه عليّ!)
- (بل قل لنا أيها الملك! أين أين أكايرتا؟ أين أين السوسيون والفرندسيون والبلاجيون وغيرهم وغيرهم من أشراف القبائل والبطون والأفخاذ؟
- (غرق من غرق، وغال الردى في الميدان من غال في يم سلاميس وبرية بلاتيه.)
- (بل أجب هذه الدموع وحرق الضلوع! أين أين المظفر فرْنوخوس وأريوماردوس الصالح، وأمير الأمراء سيوالكوس! وأين أين القنابل ذات الأيد من مازستراس وسيرابيس وممفيس!. . .
- (ابتلعهم اليم. . . ثم لفظهم الدأماء! ودارت عليهم المنايا أغربة سوداً وغرابيب لا تبقي ولا تذر!. . . فلا قائد اليوم ولا مقود!!)
- (يا للنكبة! يا للثمن الفادح! يا لزهرة شبابك يا فارس في هذا الرزء الذي ليس كمثله رزء، والمصاب الذي دونه كل مصاب!! إذن ماذا بقي للوطن أيها الرجل؟)
- (هذه الأسمال التي ترونها لا تكاد تستر جسد مولاكم!!
- (أهي كل ما بقي من الغرق و. . . الهزيمة؟
- (وهذا البيت الخاوي على عروشه. . . وكانت إليه خزائن الأرض من قبل؟ ماذا بقي لنا؟ لقد تفرق عني جميع أعواني أباديد!