ويرسل الأشياخ الفارسيون النُّجب زفرة كأنها لفحة من جهنم، ويعبسون عبوسةً سادرةً حزينة لما يتحيف الوطن من أشجان، ثم تمضي الملكة لتضفي عليها من أبهى وشْى فارس ولؤلؤ بحرها العجيب، ولتذهب فتلقى ولدها المقهور المنهزم، الذي عاد من حلبة هيلاس يجرر أذيال الخيبة، ويتهالك على نفسه في أسمال الخزي والانكسار. . . (ولدي إجزرسيس! الذي لا بد له في هذه المحنة من قلب الأم يضمه ويحنو عليه، ويقشع عن عينيه ديجور الهم، ويعيد إليه مسرة الدنيا وحبور الحياة!)
- ٩ -
أما الخورس - وهم أولئك الأشياخ الوقورون - فيهزجون بنشيد طويل يذرفون فيه دموعهم على مجد الأكاسرة الغابر، ويبكون على أيام كانت فارس سيدة الأرض ومؤدبة الأمم، ويذكرون الهزائم التي حاقت بجيوشهم في البر والبحر. . . (وشبح الخراب الذي ينوء بكلكله على المدائن والقرى، واليتم والجزع والبكاء التي تغزو كل بيت، وتمزق صدر كل أم) وإفلات الأيالات الفارسية في غرب آسيا وشمال هيلاس من قبضة الفرس. . . حتى لو شاء الهيلانيون غزو فارس نفسها لما استعصت عليهم
- ١٠ -
(يدخل إجزرسيس متخاذلاً)
- (واشجوى!)
لقد جل الخطب، وفدحت قاصمة الظهر، وامتداد يد الحدثان إلى زهرتك يا فارس، يا وطني، فقضت عليها في ريعان، وأذبلت غصنها إذ هو ناضر ريان، وجعلتها قصة في كتاب الزمان! ويحي! كيف لي أن ألقي ساداتك أيها الوطن وقد خذلت هيلاس قواي، وخانت تجلدي واصطباري! ألا ليتني لقيً بين أشلاء جنودي، ألا ليت كثيباً مهيلاً طواني في ساحة المجد، فلم أعد إليك يا بلادي! لقد كان ثمة عزاء لي بين القتلى من صناديدي!)
- (أهذا أنت يا إجزرسيس! ويلاه! من للأبهة والمجد! من للجيوش الجرارة والجنود المظفّرة! من للكواكب والرايات! أين أين القادة الصيد، والأبطال الصناديد والمغاوير