سريعة في شفاء الوجد ولأم الجرح العميق. وتعين أستاذاً في جامعة أودسا، وفي هذه الجامعة علم بقاء الأصلح، وفيها وضح علمه، وأرتفع قدره، وزاد في الناس إجلاله. ولم تمض سنتان على وفاة زوجته الأولى حتى التقى بفتاة في الخامسة عشرة، وفي وجهها بشاشة، وفي قلبها ذكاء. وكان اسمها أولجا، وكانت ابنة رجل ذي يسار، ونظرت أليه، فأسرت عينها إلى قلبها، قالت:(إن وجهه كوجه المسيح في قدسيته. لونه امتقاع، وعليه سحابة من كآبة). ولم يمض طويل من الزمن حتى تزوجها.
ومنذ هذا الزواج هدأت حياته كثيرا، وقلت نداءاته لعزرائيل كثيرا، وأخذت يداه تتعلمان أجراء التجارب لتلحق بعقله الذي نضج قبل أوانه، وأصبح العلم له ديناً، وتعلق به إيماناً؛ وأدخله في كل أمر من أمور عيشه في تحمس لم يسمع بمثله، وأخذ بيد أولجا يدخلها في هذا الدين علماً وفناً، وعلمها حتى علم الزواج وفنه! وعبدت فيه ذلك اليقين المغرق الذي أعطاه العلم إياه، ولو أنها قالت بعد ذلك بسنوات كثيرة:(إن الطريقة العلمية التي طبقها زوجي في غير هودة على كل شيء جاز ألا تخلق لنا إلا شراً في تلك الساعة المخطرة من حياتنا، والنفس دقيقة الحس في انتقالها من حال إلى حال.