قال: زعموا أن طائفة من البراغيث اتصلت بجناح نسر عظيم واستمرأته ورتعت فيه، فصابرها النسر زمناً ثم تأذى بها وأراد أن يرميها عنه فطفق يخفق بجناحيه يريد نفضها، فقالت له البراغيث: أيها النسر الأحمق! أما تعلم أننا في جناحيك لنحملك في الجو. . .؟
أما أساتذة هذه الحرية الدينية الفكرية الأدبية، فقد قال الحكماء: إن بعرةً من البَعر كانت معلمة في مدرسة قال (م): وكيف ذلك؟
قال: زعموا أن بعرة كبش كانت معلمة في مدرسة الحصى، فألفت لتلاميذها كتاباً أحكمته وأطالت له الفكرة، وبلغت فيه جهدَ ما تقدر عليه لتظهر عبقريتها الجبارة؛ فكان الباب الأكبر فيه أن الجبل خرافة من الخرافات، لا يسوغ في العقل الحر إلا هذا، ولا يصح غير هذا في المنطق. قالت: والبرهان على ذلك أنهم يزعمون أن الجبل شيء عظيم، يكون في قدر الكبش الكبير ألف ألفِ مرة؛ فإذا كان الجبل في قدر الكبش ألف ألفِ مرة فكيف يمكن أن يبغره الكبش. . .؟
قال الأستاذ (م): هذا منطق جديد سديد لولا أنه منطق بعرة.
قال (ن): وكل قديم له عندهم جديد، فكلمة (رجل) قد تخنثت، وكلمة (شاب) قد تأنثت، وكلمة (عفيفة) قد تدنست، وكلمة (حياء) قد تنجست. والزمن الجديد ألا يعرف الطالب في هذا العام ماذا تكون أخلاقه في العام القادم. . . والحياة الجديدة أن تتقن الغش أكثر مما تتقن العمل. . . والذمة الجديدة أن مال غيرك لا يسمى مالاً إلا حين يصيرك في يدك. . . والصدق الجديد أن تكذب مائة مرة، فعسى أن يصدق الناس منها مرة. . . ثم الإنسان الجديد، والحب الجديد، والمرأة الجديدة، والأدب الجديد، والدين الجديد، والأب الجديد، والابن الجديد؛ وما أدري وما لا أدري.
قال (السوبرمان): وتنطعوا في إخراج المخلوق الكامل بغير دينه وأخلاقه، فسخرت منهم الطبيعة، فلم تخرج إلا الناقص أفحش النقص، وتركتهم يعملون في النظرية وعملت هي الحقيقة.
قال محدثنا: ونهض العجوز (ن) وهو يقول: تباركت وتعاليت يا خالق هذا الخلق؛ لو فهموا عنك لفهموا الحكمة في إنك قد فتحت على العلم الجديد بالغازات السامة. . .