للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الهيئة التي تتولى الدفاع عنها. . . فماذا جرى؟! لقد كان بيكون أشد المستشارين حماسةً للملكة ضد صديقه الذي حدب عليه، وأبعد عنه شبح الفاقة، برغم ما كان يبدو من براءة الأيرل، وبرغم ما كان يبدو من ميل بقية المستشارين إلى تبرئته. . .

ولم يكتف بيكون بهذا الموقف الشاذ اللئيم، بل قدم مذكرة مسهبة بإدانة صديقه، ثم طلب في نهايتها الحكم عليه بالإعدام! وكافأته الملكة على حماسته، فرفعته إلى أعلى المناصب، وأغدقت عليه أرفع الألقاب، حتى غدا (لورد بيكون!)

ولما كتب بيكون كتابه في الأخلاق عقد فيه فصلاً من أحط ما عرفت البشرية عن (الحب والزواج والعزوبة) وذكر فيه أن الحب هو علاقة جنسية خالصة، وغريزة شهوية وضيعة، وأن المرأة بذلك إن هي إلا متعة للرجل وأنها مطيته إلى اللذة الحيوانية الطارئة. . . الخ. . . فلما تقدم إلى ليدي هاتون يطلب يدها لم تستح هذه المرأة المثقفة أن تصفعه في وجهه بهذه الكلمة الخالدة (ليذهب الفيلسوف البهيم إلى غابة قريبة فلينتق له بهيمة تكون مطيته إلى لذة طارئة ثم ليلقنها فلسفته!)

ودار الزمان دورته مرة ثانية! وأخذت الألسن تلوك إشاعات مخزية عن رشا يأخذها النائب العمومي (وكان هو بيكون في هذه الآونة) واضطر مجلس العموم إلى أن يثور طالباً محاكمته أمامه. . . فلما مثل الرجل وشرع الأعضاء يقذفونه بالتهمة تلو التهمة، لم يسعه إلا أن يعترف، ولم يسعه إلا أن يبكي. . . والتمس من المجلس أن يعامله برحمة. . . وحكم عليه بغرامة هائلة قدرت بأربعين ألف جنيه، ثم بالسجن المؤبد. . . ولكنه لم يحبس غير ليلة واحدة، ثم عفت عنه الملكة!!

هذه لمحة عن أخلاق الرجل الذي وضع كتاباً في الأخلاق ذم فيه أخلاق نبينا!!!

وهذا هو الرجل الذي يخلط بعض مؤرخي الآداب فيدعي أنه كتب كثيراً من الدرامات التي تعزى إلى شاكسبير!!

ترجمة القرآن

لا ندري إذا كان على إمارة المسلمين في زماننا هذا رجل مثل المأمون فماذا عساه كان صانعاً بمن يقولون بعدم جواز ترجمة معاني القرآن بعدما أقرها أكثر العلماء؟

ماذا كان يصنع المأمون بالأستاذ محمد سليمان بعد الذي صنعه بالإمام الكريم ابن حنبل في

<<  <  ج:
ص:  >  >>